آراء وأفكار د. فتحية حسن صالح

أحلامي

شارك الخبر

سألتني يوماً ما هي أحلامك؟
أحلم بقطار سريع من الشرق إلى الغرب، من بورتسودان إلى الجنينة وقطار مثله من حلفا إلى كوستي، وقطارات أخرى تمر بجميع المُدن السودانية، وشوارع أسفلت مُوازية لهذه القطارات لنقل الرُّكّاب والبضائع.
أحلم برؤية مُواطني بلادي يجوبون بالسياحة الداخلية ليروا شلالات جبل مرة في الغرب، وقد تمّ تركيب تلفريك في المنطقة ليروها من الأعلى، وبالشرق أراهم وهم يَغُوصُون في قاع البحر الأحمر ليروا الحيض البحري والشُّعب المُرجانية التي لم تمسها يدُ. ويزورون حديقة الدندر المحمية التي بها كل الحيوانات على الطبيعة، أتمنى أن يروا آثار بلادهم وأهراماتهم في البركل وآثار صاي في الشمال .
أحلم بِبُرجٍ يطل على مُقرن النيلين لأشاهد مُلتقى النيلين الأبيض والأزرق وهُمّا يسيران جنباً إلى جنبٍ دُون أن تختلط مياههما لمسافاتٍ طويلةٍ، أحلم أن أجلس على قِمّة هذا البرج في مطعم يدور حول مركزه لأشاهد الخرطوم من جميع الاتّجاهات وأنا جالسة في مكاني أتناول وجبتي المُفضّلة.
أحلم بعشرات المشاريع السياحية، ولديّ هوسٌ اسمه السياحة، وكنت في شبابي أتمنى أن أكون وزير سياحة في السودان بميزانية مفتوحة.
أحلم بعاصمةٍ جديدةٍ يُحيطها النيل كالسوار من كُلِّ الجهات، يُخطِّطها أبنائي على الورق أولاً ببنياتها الأساسية من شوارع ومجارٍ وإنارة وملاهٍ وملاعب وميادين وحدائق وخدمات المُستشفيات والمدارس ومَطَارات ومصالح ووزارات وقُصُورٍ وعمائر ومناطق المصانع والمَزارع ومُسَطّحات مائية، وفي وسط الدائرة نافورة ضَخمة تَصِل مياهها عنان السماء، تُخطِّط عاصمتي على الورق أولاً ثُمّ تنزل للتنفيذ على أرض الواقع.
أحلم بديوان زكاة يَكفل كل نساء بلادي اللائي لم يخرجن إلا للحوجة الشديدة وينتشلهن من الطرقات ويرحمهن من بيع الشاي والكِسرة ويعزهن ويكرمهن ليقرن في بيوتهن .
أحلم بعُمر بن عبد العزيز يحكم بلادي، وتكون ونسة الناس في الصباح عندما يلتقون، كم جزءاً قرأت بالأمس من القرآن الكريم.
أحلم بأن يُكرم الإنسان الذي قام بعمل جيِّدٍ، فكلمة شكراً تَسرّه وتشجِّع الآخرين للقيام بأعمالٍ طيبةٍ.. وإلى اليوم أتساءل لماذا لم يُكرم الجندي الذي أوقف الدّبّابة مُستعرضة في كوبري أم درمان ومنع الغُزاة من دخول الخرطوم وحُدُوث الكارثة، تكريم المُستحق عمل يدل على نُبل الأخلاق.
أحلم بِمَزَارع خَضراء في صحراء الولاية الشمالية فوق الحوض النوبي الرسوبي، وهو عبارة عن واحةٍ، فالمياه على بُعد (مترين) في تلك المنطقة (واحة سليمة).
أحلم بمدارس تُعلِّم الأطفال السباحة وركوب الخيل، أحلم بمدارس ابتدائية يتحصّل فيها المُدرِّسون على أعلى أجر في الجمهورية، لأنّهم يضعون حجر الأساس في عقول قادة المُستقبل.
أحلم بمُستشفياتٍ ضخمةٍ مَجّانية يتوفّر فيها جميع الأجهزة والمُعدّات والأدوات والأدوية، تُعالج الجَميع، أحلم بعودة الآلاف من أطبائنا الاختصاصيين المُنتشرين في أرجاء المعمورة يُعالجون العالم ونحن في أشدّ الحوجة إليهم، أحلم بعودتهم مُعزّزين مُكرّمين، يتلقّون مَا يَستحِقُونَه من تقديرٍ واحترامٍ وإجلالٍ.
أحلم بسعي القائمين على الدولة باستجلاب أكبر قدرٍ من الفُرص التدريبية في المجالات كَافّة من الدول الصديقة والشقيقة ليُدرِّبوا العاملين بالحكومة والجيش، لأنّ رؤية تلك البلاد فقط تُوسِّع مَدارك الأفراد، وأتمنّى من المسؤولين أن لا يدسوها في الأدراج وتضيع علينا بحجة أنّهم مُحتاجون إلى العاملين ولا يستطيعون تركهم لفترة التدريب، إنّ رؤية العاملين بالدولة لبلاد الله تعرفهم أين هُم من بلاد العالم، فربما بَعد عَودتهم من التّدريب يضيفوا شيئاً جديداً في عملهم أو سُلُوكهم.
أحلم بالمكننة الزراعية تَعُم بلادي، أحلم بأن أنظر من شباك الطائرة فلا أجد لوناً بُنياً في ولاية الخرطوم، بل أجدها كسجادة خضراء من الزراعة.
أحلم بشوارع مُسفلتة وأرصفةٍ ومجارٍ لمياه الأمطار وغسيل الشوارع، وأراها مُضاءة على جانبيها وأرى الأشجار الخضراء الظليلة على جانبي الطريق والتي من كثافتها تسير بداخلها كأنّك تسير داخل نفقٍ أخضر.
أحلم بجيشٍ قوي لديه من الرجال والسلاح ما يرهب به الأعداء ولا يعتدي كائنٌ من كَانَ على شبرٍ من أرض بلادي .
أحلم بكلمة “الأمن” عندما نسمعها أو ينطق بها أحدهم أن نحس بالأمن والأمان وليس الخوف والرعب.
أحلم بالاكتفاء الذاتي من الغذاء وتصدير الغذَاء الطَبيعي الخالي من الأسمدة والكيماويات وغير المُحسّن جينياً، أصدِّر هذا الغذاء للعالم، أريد فعلاً أن أكون سلة غذاء العالم.
إنّ أحلامي كثيرةٌ ولا تستطيع بضع وريقات أن يحتوينها.. وتقول إنّ أحلامي قُفة مُلاح؟
أقسم إنّني مُستعدة أن أصوم الدهر وأفطر على الأسودين، لو قلت إنّك تستطيع أن تُحقِّق جُـزءاً من أحـلامي.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.