خبير زراعي: التمويل والتوقيت السيِّء أكبرمشكلات الزراعة بالنيل الأزرق

الدمازين: ياسر الكُردي
“السماء لم تُقصِّر معنا في كل المواسم؛ فالغيث الذي يهطل منها كفيل بتحقيق الأمن الغذائي؛ ليس للولاية وحدها، بل لكل السودان، لكن المشكلة في الحكومات المتعاقبة التي فشلت فشلا ذريعًا في رفع الإنتاج والإنتاجية لولاية تخصَّصت في زراعة القطن المطري، الذرة الشامية، السمسم، عبَّاد الشمس والذرة الرفيعة وغيرها من المحاصيل”. بتلكم الكلمات لخَّص المُزارع على عبد الله؛ مشكلات الزراعة بولاية النيل الأزرق، مُضيفًا في حديثه لـ(السوداني) أن هذه الولاية حباها الله تعالى بتربة تُصنَّف من أفضل الأنواع على مستوى العالم، وكذلك بمناخ يجعل الأمطار تتواصل بكثافة منذ شهر مايو حتى نوفمبر، وفي بعض الأحيان تتواصل إلى نهاية العام، لكن رغم ذلك فالإنتاجية والإنتاج لا تزال تعاني من الضعف.
وقال الخبير الزراعي عبد الله عيسى، لـ(السوداني): أنا عملت في كل المناطق الزراعية بالسودان، وأحسبُ أن ولاية النيل الأزرق تعدُّ أغنى منطقة زراعية بالبلاد؛ فالأراضي الصالحة للزراعة بها تتراوح بين (4.5 – 5) مليون فدَّان، ونسبة الطمي في التربة تبلغ حوالي (70 – 80%) ما يجعلها من أفضل أنواع التربة على مستوى العالم، أما متوسط الرياح فَيَصِلُ إلى (2) ثانية في الكيلومتر وهذا يحُقِّق ميزة تفضيلية للتربة، أيضًا تُصنَّف تربة الأراضي بالنيل الأزرق بأنها (أس تو) وهذه ميزة تفضيلية للأجود عالميا.
ويمضي المهندس زايد بقوله: لم يستفد السودان من ولاية كان يمكن أن تحل مشاكل السودان الاقتصادية لوحدها لو وجدت الاهتمام اللازم من الدولة، مؤكدًا أن معوِّقات الزراعة بالولاية تتمثل في أربع مشكلات أساسية هي: مشكلات إدارية تنفيذية سببها قوانين الأرض، فالدولة تُصرُّ على جعلها (ملكية منفعة) وهذا يُحبط المزارع فيخشى نزعها منه في أية لحظة. أيضًا هناك تداخل في الاستخدامات الزراعية، فالرُّعاة يدخلون في مساحة المزارعين والعكس صحيح، وكذلك أُهملت القوانين الإدارية التي وضعتها الدولة لحماية حُرمات القرى، حيث كان الأفضل أن تبعُد الأراضي الزراعية عن حرمات القرى (8) كيلومترات – على الأقل – لكن هذا ما لم يحدث مطلقًا، ما تسبب في وقوع احتكاكات بين الأهالي والمستثمرين.
وأكد الخبير الزراعي عبد الله عيسى، أن أكبر مشكلات الزراعة بالنيل الأزرق تمثلت في التمويل فهو غير كافٍ وتوقيته سيِّءٌ جدا، لأنَّ المُزارع يكون في أشدِّ الحاجة لمبلغ مليون جنيه وعندما يقدِّم طلبه يُمنح رُبع مليون جنيه فقط، منوِّها إلى أن الوقت الحقيقي للتمويل هو شهر أبريل حتى يتمكَّن المزارع من الاستعداد والتحضير المبكر، لكن للأسف البنك الزراعي يسلِّم المزارعين تمويلهم في شهر أغسطس وهذا يتسبب في ضعف الإنتاجية ودخول المزارعين في خسائر ثم الزج بهم في السجون؛ وهكذا يهدر المال العام. مشيرًا إلى أن أرباح التمويل عالية جدا، فالبنك الزراعي المُخصَّص لدعم الزراعة يُفترض ألَّا تتعدَّى أرباحه الـ(3%)، وذلك لتغطية التكاليف الإدارية للموظفين لدى البنك، لكن الحاصل الآن أن الأرباح تصل إلى (30%) في كل المدخلات، ونوَّه المهندس زايد إلى أن السودان منذ أن عرف التقاوى كان يتسوردها من أستراليا التي تشبهنا في المناخ والتربة وكل شيء، إلا أن البنك الزراعي انتقل إلى الصين وظل يستورد منها التقاوى؛ علما بأنها منطقة جليدية لا تشبه مناخنا ولذلك تدَّنت الإنتاجية.
وعاب على وزارة الزراعة اعتمادها على وسائل تقليدية فيما يلي الزراعة بالبلاد، فالمزارع السوداني مازال يستخدم (الدِّسكي العادي) الذي تجاوزه العالم منذ ستينيات القرن الماضي؛ واستبدله بالزراعة الحافظة، لأنَّ المجهود الذي يبذله المزارع في شهرين تعمله الآلات الحديثة في ساعة واحدة فقط. وأكد زايد أنه دخل في تجربة عملية استخدم الآلات الحديثة بولاية النيل الأزرق فأنتج (27) جوَّال ذُرة من الفدان الواحد، في حين أن نفس الفدان بالزراعة التقليدية ينتج ما بين (2 – 3) جوَّالات فقط.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.