الطريق الثالث…بكري المدني

القدر القادم!

مع التبشير بلقاء السيد وزير المالية مع مجموعة أصدقاء السودان بواشنطن والذي خلص للوعد بتكوين صندوق دولي لدعم الاقتصاد السوداني هناك شرط واضح بين سطور الخبر يطابق شرط البنك لمساعدة السودان بسداد الديون السودانية مع تطبيق سياسة رفع الدعم.
ها نحن أمام الحقيقة عارية ومجردة من أي مخيط ومحيط، فالديون يمكن أن تؤجل أو تجدول ولكنها لن تعفى كلية ورفع الدعم عن السلع والخدمات كافة هو الشرط اللازم للدعم الخارجي!
إن الاتجاه نحو المجتمع الدولي لا يوفر شروطا أخرى كثيرة متاحة سواء من الدول أو المنظمات المالية والتطبيق الحرفي المطلوب هو الشرط الوحيد الكفيل بالدعم الخارجي.
ما لم تنفتح عقلية حكومة الفترة الانتقالية الحالية على أفكار جديدة داخلية تخرج بها البلاد من هذا المأزق الاقتصادي الذي جعل معاش الناس في عسر مستمر ومتزايد فما من بدء سواء الاستجابة للوصفة الدولية كحل أخير!
مؤكد أن هناك حلا يتمثل في رفع نسبة الإنتاج من الصادرات وتقليل نسبة الواردات، ولكنه ليس حلا سهلا ولا سريعا على أية حال، وفوق السياسات القاسية المطلوبة لذلك، فهو يتطلب إرادة كبيرة من الحكومة ومن الشعب معا ربما لا تتوفر للاثنين معا أو لأحدهما على الأقل !
مع ذلك برأيي أن وصفة زيادة إنتاج الصادرات وتقليل الواردات مع سياسات تقشفية قاسية على جميع المستويات الفردي منها والمجتمعي وعلى مستوى الحكومة والدولة هو المخرج لهذه البلاد، وإن طال الزمن وقسي الحال.
إن رفع الدعم عن السلع والخدمات هو السياسة الصحيحة ولكن ليس هذا وقتها ولا ظرفها، وتخدع حكومة الحرية والتغيير كثيرا في نفسها لو ظنت أن الناس يمكن أن تتحمل هذه السياسة كعلاجٍ شافٍ بالكي وعدم تحمل الكي سيطيح بالحكومة الانتقالية!
لم تواجه (الإنقاذ) تحديا حقيقيا بزوال عرشها إلا عندما أعلنت وطبقت رفعا جزئيا عن دعم السلع في سبتمبر العام 2013، حين اندلعت أول شرارة للثورة قضت على الإنقاذ بعد ذلك بسنوات رغم تباطؤها في تطبيق رفع الدعم من بعد وتعليق بعضه إلى حين !
لقد كانت قيادات وعضوية أحزاب قوى الحرية والتغيير اليوم ضمن الحراك الجماهيري في سبتمبر 2013 وحتى أبريل 2019 والذي كان مع مطالبه السياسية المعروفة يتحرك بقوة ضيق الناس من الواقع الاقتصادي والمعاشي حتى سقطت الإنقاذ (بس)!
لا أعتقد أن قيادات وعضوية الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني ستتدخل اليوم لقيادة الشارع والعمل على الإطاحة بالحكومة القائمة لأسباب منها (أولا) عدم مقبوليتهم في الشارع و(ثانيها) معرفة الناس ومعرفتهم هم أنفسهم أنهم من تسببوا في هذه الأوضاع، و(ثالثها) أن الناس يمكن أن ينجزوا لهم هدفهم في إزاحة حكومة الحرية والتغيير دون حاجة لمساعدتهم أو رغبة فيها !
إن مقارنة الوضع الأسوأ بالسيئ مع الحنين للماضي من الطبائع السودانية التي تغلب التطبع على الجديد وهو طبع ربما يتهدد الحكومة الحالية ما لم تسع إلى إجراء مصالحة شاملة بين كل السودانيين لخلق الاستقرار السياسي أولا ومن ثم حثهم – ثانيا – لرفع قيمة الإنتاج ومراجعة الاستهلاك والصبر – ثالثا – على الأحوال مع الأيام !

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.