عثمان مُحمّد يوسف الحاج

الانتقالية الآن بدون شرعية.. لا ثورية ولا دستورية!!

شارك الخبر

المَحكمة الدستوري رفضت طلباً لمذكرة قانونية على مادة دستورية في الوثيقة، بحجة أنّ قانون الطوارئ يطغى على تشريعات الوثيقة ويلغي موادها!! هذا بالإضافة إلى تصريحات كثيرة صدرت كلها مُخالفة لما جاء بالوثيقة التي يُراد أن يحتكم إليها في الفترة الانتقالية، ولنأخذ مثلاً المادة الثانية في الوثيقة والتي قامت على خلافاتها تأخُّر صدور الوثيقة وإرجاعها عدة مرات وهو موضوع الحاكمية إلى التشريعات الإسلامية.. تقول المادة:
أ- إلغاء العمل بالدستور الانتقالي 2005 مع الإبقاء على القَوانين التي صَدَرت بمُوجبه في البلاد لتكون سارية المفعول طيلة الفترة الانتقالية.. مَا لم تُعدّل أو تُلغَ!!
ب- الإبقاء على كُل المَراسيم التي صَدَرَت بعد الحادي عَشر من أبريل وحتى اليوم مَا لم تُعدّل أو تلغَ بواسطة المَجلس التشريعي!!
لاحظ الفرق والإبهام في الفقرتين.. في المادة الثانية (ب) مُحَدّدة وواضحة، أنّ من حق المجلس التشريعي إلغاء المراسيم أو تعديلها.. أما القانون الجنائي (91) وهو قانون الشّريعة الإسلامية، فقد دسُّوا فيه فقرة مُبهمة ومُريبة ومُعلّقة في الهواء.. بمعنى أنّها يُمكن تَعديلها أو إلغاؤها بدون تَحديد الجِهَة التي يَحق لها التّعديل أو الإلغاء!! وهي فقرة فَضفاضة ومَاكرة مَرّت على المجلس العسكري بعِلمٍ أو بدون عِلمٍ!! وهذا أخطر ما في الوثيقة، ولا أدري لماذا لم تُؤخذ فُرصتها في النقاش وتجاهلها الخبراء القانونيون والتشريعيون الإسلاميون خاصة؟! تبنت على هذه الفقرة الخبيثة تَصريحات جَريئة وخَطيرة مِن مسؤولين تَنفيذيين مَا كان لهم أن يقولوها لولا أنّهم مُستندون على هذه الثغرة المُخادعة التي سَكت عَنها المَجلس العسكري.. فمثلاً على أيِّ شئ استند وزير العدل ليقول “… إنهم بصدد فصل الدين عن الدولة وإعلان علمانيتها الصريحة؟!”.
ثانياً: ما جاء على لسان عضوة المجلس السيادي وقولها وجوب إلغاء التّشريعات الإسلامية مع مُلاحظة أنّها تجلس في هذا السيادي بمُوجب نفس الوثيقة التي ثبتت حكم الشريعة!!
ثالثاً: تصريحات وبرامج وكيل وزارة الإعلام والثقافة الأخير بأنّه لا بُدّ من إبعاد كل ما هو إسلامي في هذا البلد مادياً أو معنوياً!!
رابعاً: الترتيب العاجل لإلغاء العمل بشريعة الله ورسوله والتي لا تصلح لهذا العصر ولا زمانه إلى فكر صاحب الرسالة الثانية!!
خامساً: توجيه رئيس الوزراء لوزير العدل بالمُصَادَقة والاِنضمام إلى كل الاتفاقيات الدولية، وأن يقوم بتعديل القانون الجنائي إلى حين الإصلاح والإجراءات الشاملة، وإنهاء كل القوانين التي تَضطهد المَرأة وإلغاء قَانون النظام العام وتَعديل كُلّ القَوانين والتّشريعات التي لا تتماشى مع المواثيق والاِتّفاقات الدوليّة!! بمعنى إلغاء الشريعة الإسلامية لأنّها لا تتّفق مع الاتفاقات الدولية وحُقُوق إنسانها!! كل هذا الكلام يحدث من خلال هذه الثغرة المَوجودة في الوثيقة.. الأخطر من كل ذلك ما جاء على لسان الحكومة في المُفاوضات التي تُجرى الآن بين الانتقالية والجبهات الثورية في جوبا وتبشير الفريق حميدتي بالاِحتفال القريب بالاِتّفاق.. الآن كل مطلوبات الحركة الشعبية تَتَنَافَى تماماً بما جاء بالوثيقة الدستورية.. الشرط الأول لحركتي الحلو وعقار علمانية الدولة أو إعطاء حق تقرير المصير للمنطقتين!! وهَذِه هِي الغُول والعُنقاء وننتظر الخل الوفي عِند بقية الحَرَكَات!! فعدم الالتزام بالوثيقة يَجعلها حِبراً على وَرقٍ أسود.. ويضع الحكومة الانتقالية عاريةً تماماً من أيّة شرعية لا ثورية ولا دستورية!! مع مُلاحظة أنّ هُناك تكامُلاً وتوافُقاً تاماً بين الحكومة التنفيذية الانتقالية في إجراءاتها الأخيرة نَحو تَغيير هَوية البِلاد وطَمس ثَقافتها الإسلامية وتقاليدها مَع مَطالب الجبهات الثورية والحركة الشعبية بمَطالب علمانية البلاد!! بالإضافة إلى الضغط الخارجي الكثيف خاصةً من أمريكا وبريطانيا باشتراط فك الحصار الاقتصادي وقوائم الإرهاب بإلغاء القوانين التي تتعارض مع العلمانية وحُقُوق إنسانها وحُريات نسائها!! والأخطر من كل ذلك ما جاء أمس على لسان الوفد الحكومي المُفاوض، إنهم مُستعدون للتنازُل والقبول بأيِّ مطلبٍ للثورية مهما عظم في سبيل تحقيق السلام!! وطبعاً مَعلومٌ أنّ الحلو وعرمان قد اشترطا علمانية الدولة أو الانفصال!! والحكومة تقول إنها ستوافق وكلا المطلبين لا يتفق بما جاء بالوثيقة الدستورية!! كل هذه التّجاوُزات تتم لتفريغ الإسلام السياسي وتشريعاته من مُحتواها لتحقيق مطالب أمريكا والغرب عن طريق المسح الناعم من أجل رفع الحصار والإرهاب.. وكل ما تقدّموا خطوة تَراجع موقف وتعنُّت أمريكا نصف خطوة!! مثل ما جاء بالأخبار أنّ أمريكا تدخل في مُفاوضات لتسوية هذه المَلفات في المُستقبل القريب في عملية خُذ وهَات!! مع مُلاحظة إسراع خُطى الانتقالية الآن في تفكيك الدين للخروج من أزمات الضغط الاقتصادي المفروض على السُّودان بسبب الاحتكام إلى القوانين الإسلامية.. وهذا الصراع لن ينتهي بسنة الله تعالى في الأرض ولكن العبرة بقدرة الصبر على هذا الابتلاء.. وعلى الذين ساروا خلف دعم قِوى الحُرية والقِوى المُعادية للإسلام أن تأخذ وزره وتتولى كبره، خَاصّةً قيادات الأحزاب ذات الإرث الإسلامي أمثال قيادات وزعامات حزب الأمة القومي بقيادة إبراهيم الأمين، والاتحادي بقيادة الدقير، وكذلك بعض المُؤثِّرين في المجال الصحفي والمُجتمعي، والذين قاموا بالدور الأكبر في تمرير الوثيقة التي عملت على إبعاد الدين وتشريعاته.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.