امرأة بلا قيود محاسن أحمد عبد الله

الحلم (الزحيح)!!

شارك الخبر

غادر الشاب المُكافح صاحب الثمانية وعشرين ربيعاً (م. ك) دياره إلى ديارٍ أخرى بعد أن اُغتصبت أراضي أجداده وأهله التي نَهَلَ من مَعين صَفاء أنهارها، وتمتّع بخيرات ما أخرجته أرضها من ثمارٍ طيبةٍ, وتنسّم من عبير ومسك رياحينها الفوّاحة وهو يُعانق أهلها بابتسامةٍ لا تعرف المكر ولا الدهاء، غادر إلى أرض غير أرضه، وأهل غير أهله وهو يحمل أمنيات يصعب تحقيقها على أرضه وهو يحتضن قلباً نازفاً عزةً وكبرياءً، ها هو الآن في أرض الله الواسعة يضع خطوة ويتحسّس أخرى، ويتجرّع ألماً ووجعاً يُداريه بابتسامة غير التي كانت، تمتد أعينه نحو أُفق مُحتجبةٍ بالغيوم والأقدار غير المرئية ليأتي حُلُمه (زحيحاً) رغم المَواجع والتحديات لتبدأ ثورة جديدة تُعَاصِر مَا هُو واقع فرضته الهيمنة في بركٍ آسنة من الحقد والكراهية!!
غادرنا العديد من أبناء هذا الوطن مُتلظين بلهيب الغُربة والشقاء والمُعاناة، غادروا بعد أن دابت كل خُيُوط الأمل التي كانوا يتشبثّون بها حتّى صَارَت أحلامهم مُجرّد أوهامٍ تزورهم ما بين الفينة والأخرى بعد أن داهم أعينهم التعب ومُعاناة الارتحال القسري.. أكملوا تعليمهم واحتضنوا شهاداتهم، منهم من وضعها في بُروازٍ أنيقٍ تقديراً لمسيرة سنوات من النهل العلمي الذي اقتضته ظروف الرغبة، ومنهم من اتّعظ من درس غيره فَغَادر مقاعد الدراسة خوفاً من أن تُسرق سنوات تحصيله خِلسةً فيقبض الريح ويندب حظّه، ومنهم من يَرَى ما حوله بمنظارٍ أدّق وذهنية مُتفتِّحةٍ تعلم ما يدور في دهاليز هذا الوطن الذي غادره أبناؤه إلى غير رجعة!!
يجتهد (آدم) كثيراً في هذه الدنيا ليُوفِّر لنفسه وأسرته عيشةً كريمةً تكفيه شر السُّؤال (يُكابد ويُجاهد ويُعَافِر) حتى يظفر بوظيفةٍ طالما رَاودته في الأحلام كثيراً عندما كَانَ يَحتضن كتابه، غائصاً بين أسطره، مُحلِّلاً ما يرد فيه من معلوماتٍ ليُجوِّدها يوماً ما على كرسي الوظيفة، لكن هيهات ضاعت الأحلام والتطلُّعات هباءً مَنثورا على أرض الواقع المَرير الذي زُجّ به في سجن المُستحيل حتى أعلن الجميع انتفاضتهم وثورتهم بأنّه لا بقاء في وطنٍ لا تَستطيع أن تتكيّف أو تتأقلم معه بأرفع الشهادات العلمية، تفاهة الأشياء جعلت المحظور مُباحاً، والممنوع مرغوباً، والأمنيات أضغاث أحلام، وما الحياة إلا نقطة ضوء قابعة في مكانٍ بعيدٍ قد تلحق بها أو قد يصيبك الوهن والفُتُور لتكون خامل الأفكار، مسلوب الإرادة، مُمَدّداً على (لَحَاف) اليَأس!! لتبدأ مُعاناة أُخرى في دول المهجر والاغتراب، مُعاناة لا يحس بها إلا من ذَاقَ مَرارتها وتلظّى بجحيمها، أبناؤنا يُعانون حتى تفرج لهم ظُرُوف العمل الوعرة أساريرها لتمنحهم وظيفة تُخفِّف عنهم رهق المُعاناة، ليس بالضرورة أن تكون في ذات التّخصُّص، الأمر لا يَفرق كَثيراً طالما أنّها تدر عليه مالاً، والمحظوظ من يعمل في ذات المجال الذي قضى في قاعاته الدراسية سنين عددا.
أتألم كثيراً لحال الشباب وهُـم يقطعون الوديان والفيافي والبحار من أجل تَحقيق غَاية صَعبٌ نيلها في هذا الوطن الكبير المُتدفِّق الخيرات، لم يتوقّف الأمر لديهم، بل هُناك آلاف الشباب الآن يحزمون حقائبهم بغية الهجرة والاِرتحال من أجل وضع معيشي أفضل، يستطيعون من خلاله أن يبنوا مُستقبلهم ومُستقبل أبنائهم.
في ظل حكومة التغيير يجب عليها أن تُكرِّس جُهُودها في تقييم أبنائها ومنحهم فرص عمل أوفر وأفضل، وعدم اضطهاد أفكارهم وإجهاض طُمُوحاتهم بالهمجية التي مَارستها بعض المُؤسّسات الخدميّة بالدولة، وترك سياسة الخيار والفقوس حتى تطيب النفوس!!
بدون قيد:
الحياة رسمت تجاعيدها على أحلامك.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.