حتى لا ننسى منى الفاضل

علاقات الحياة تُدار بفن

شارك الخبر

الأسرة البذرة الأساسية للشخص منذ نعومة أظافره، لذلك سنواتنا الأولى ليست بمعزل عن ما نفعله ونحن كٍباراً فكل ما كانت الرؤية واضحة فى شكل نشأتنا ومرتبة ستستمر عليها سنوات العُمر اللاحقة، ما عدا ما يشعر به الشخص أنه غير مقبول لديه فسيعمل على تركه في الحال .
مثالاً صغيراً : عندما يتعود الطفل، على أن يجرٍح مشاعر غيره من الأطفال ولا يُسأل ويستمرأ هذا السلوك، سيفهم بعد ذلك أن التجريح للغير هو الأصل فى التعامل، وخلافه سيكون نقداً غير مقبول، فهو لم يعترضه من هم أكبر للكف عن ذلك فمن الصعب إقناعه على كٍبر، ويستمر ينمو معه بعدد سنين عمره، إلى أن يصبح واعياً وسالكا دُروب حياته كشخص منفصل عن كل الأسرة وشخصاً مُحرجاً وجارحاً للجميع ولكنهم لن يتحملوه فُهم لم يكونوا سبباً في هذه المشكلة التي تربى عليها.
فعندما يُكوًن أسرة سيكون أكثر ضحاياه أفراد أسرته الجديدة (زوج أو زوجة) فالتربية تشملهما الاثنين معاً وهما صغار إلى أن يتزوجا،وتستمر الصراعات بشكل مُختلف فى عٍش الزوجية، فهنا هو المكان الذى يحتاج عطاءً وتطييباً للخواطر. فحياة زوجية تخلو من هذا التعامل من المؤكد أنها ستكون تعيسة أو مُملة أو طلاقاً أو تنازل طرف على حساب نفسه للآخر، ويتحول الصراع منهما إلى الأبناء، ويزداد الهم تعقيداً فأصبح الأبناء هم الرابط الذى يصعُب على الكثيرين حله لأجلهم ويصبح على حساب حياة زوجية أصبحت اسمية وشكلية أمام الجميع .
وقد يكون هذان الزوجان موظفين في مكان ما، قليل جداً من البشر من يستطيع التعامل مع غيره وهو في حالة ضيق، فغالبا ما يصب غضبه على الذين من حوله أو الأخطاء في العمل، أو يكون شخصاً فوق العادة ويُجامل ويكبت ما يعانيه من معاناة بداخله، لتسيير الحياة والعمل معاً، ومع الجيران ومع الأصدقاء، وعندما يعود للمنزل آخر اليوم يكون قد استنفذ كثيراً من الضغط على أعصابه لكي لا تخرُج منه كلمة غير مريحة للآخرين أو يكون مثل الذين اعتادوا على التجريح منذ الصغر الذي ذكرناه، وهنا يصبح هذا الإنسان مثل حلة الضغط (البريستو) ويعرف تماماً أن هذا الانفجار لا يمكن أن يفعله فى مكان غير المنزل وتعود مرة أخرى دورة النقة والحديث الساخن والجو المكهرب بدل أن يكون المنزل للراحة ، وهكذا تستمر الحياة فنطلق عليها يومياً حياة كئيبة وُيحيطها انفصام فى الشخص للتعامل المزدوج داخل وخارج البيت والذي يستمر فيه يومياً ودون حل أو متنفس فما هو الحل؟.
الحل دائماً ينبع من أساس المشكلة الحقيقية التي يُعاني منها أي شخص من الأشخاص، فعندما يُعاني منك آخرين بتصرف متكرر ويعتاد الشخص على قول (دي طريقتي كده والله خلقني كده) لن تشعر بالسعادة أنت ومن حولك يوماً من الأيام .. وإن عدت إلى يوم خُلقت فأنت لم تتعلم الحديث إلا بعد ثلاثة أعوام فما فوق ولم تكن على وعي ودراية بأمرك إلا بعد الخامسة من عمرك، فكيف تكون خُلقت كذلك!! معنى ذلك هنالك مستجدات طرأت علينا بالتعود عليها وأحياناً لم يتم الردع فيها فتصبح عادة ملازمة بل أحياناً نعتز بهذه العادة السيئة ونتباهى (أنا والله بعمل ألفي رأسي بس والباقي يحرق) أصبح اعتزاز وأنانية متلازمة المزاج والتصرف، ولن يتأذى أفراد الأسرة فقط ومجتمع المعارف بل حتى العمل وحتى الدولة فقط بهذا المزاج والأنانية وأنت نفسك تتأذى .
تطور أي مجتمع لا يأتي إلا من تطور الفرد فيه، والفرد لن يكون فرداً مفيداً إن لم يكن مهيأ لهذه الفائدة، والفائدة لن تتم إن لم يقتنع الجميع أن علاج المجتمع والدولة يبدأ بالأفراد، وهؤلاء الأفراد لن يكونوا سعداء طالما كل واحد منهم يرى أنه على صواب وأنه لم يُخطئ فى حياته وهو مظلوم والجميع يتعدى عليه ويرفض رفضاً تاماً أن يُراجع نفسه ماذا فعل هو لكي يُلام هذا اللوم، لن نستطيع تغيير أي دولة إن كنا نسير على ما نحن عليه، فشخص لا يستطيع أن يتحكم في أخطائه وتعديلها، هل يستطيع تعديل مسار دولة؟! والدولة لا تأتي بوظيفة الرئيس أو الوزير فقط، الدولة تأتي من العامل والموظف والغفير والسفير والمزارع والمهندس والطبيب، وحتى ربات المنازل والذين لا يعملون والطلاب وحتى الأطفال عليهم واجب، فعندما يرون مجتمعاً قوياً مسؤولاً متماسكاً أمامهم سينشأون جيلاً صلباً قوياً يعرف تماماً المسؤولية وتحملها .
العلاقات فن في جميع دروب الحياة ومع الجميع إن لم نديرها جيداً سنظل نعاني، لكي نرتاح لا بد أن نوطن أنفسنا لنهدئ روع الآخرين ونهدأ .
ودمتم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.