خالد مُحمّد إسماعيل

البصل.. ما الحصل؟!

شارك الخبر

هناك مَثلٌ سُوقيٌّ مُتداولٌ يقول: “بِيعَ البصل بما حَصل” وهو أنّ البصل محصول لا يحتمل التخزين، ولهذا على التاجر مُخارجته سريعاً.. وسُرعة المخارجة هذه قد تدر على التاجر أرباحاً طائلةً أو قد تُعرِّضه لخسائر فادحة، وعلى أيِّ حالٍ لا أرى سبباً أو مُبرِّراً منطقياً واحداً للارتفاع الجُنُوني لسلعة البصل هذه الأيام لتصل سعر الملوة منه إلى مائتي جنيه بالتمام أيّ أنّ الكَيلة تساوي (800) جنيه عندنا في الصعيد.. وطبعاً أهل الصعيد بـ”ولايتي سنار والنيل الأزرق” يكتالون بالكيلة وهي تُعادل أربع ملاوي ثُمّ تأتي نصف الملوة وربع الملوة.. أما ناس الشمال فيكتالون بالربع وهو يُعادل نصف كَيلة عندنا.. ووفقاً لذلك إذا أراد المُستهلك شراء ربع ملوة بصل فهي بمبلغ خمسين جنيهاً وهي لا تكفي لسبك حَلّة كبيرة، لأنّه كما يقول الناس: “الحَلّة بصل”!!
تُذكِّرني أزمة البصل هذه بأغنية أحد المطربين: “قام إتعزّز الليمون عشان بالغنا في ريده”.. والآن البصل هو الآخر غار من الليمون وأراد أن يثبت مكانته وسط مُستهلكيه!!
والسؤال، لماذا الأزمة القائمة الآن في البصل والجزيرة تنتج بصلاً، وشندي تنتجه، وكسلا تنتجه، وسنار تنتجه، وحتى إذا افترضنا أنّ الجروف النيلية المزروعة به قد غمرتها مياه فيضان هذا العام، فهُناك أراضٍ بُستانية تبعد عن النيل وهي التي تُعرف بالمِتَرَات، يُمكنها أن تعوِّض الفاقد من الجنائن المنكوبة وهي صالحة لزراعة الفواكه والخُضر بما فيها البصل الأحمر والأبيض!!
وعلى كلِّ حال أستطيع القول: إنّ أزمة البصل الحالية مُفتعلة من صُنع مُضاربي السُّوق رغم أنّه مَحصولٌ لا يَقوى عَلَى المُضاربة، لأنّه لا يَحتمل التّأخير طَويلاً، ولكن حتّى التّخزين القصير المَدَى يُمكن أن يُؤثِّر في السُّوق ويَلعب دَوراً في تحريك الأسعار وهو الذي يحدث الآن، فتجد التّاجر الإجمالي الذي بحوزته (20) أو (50) جوالاً عندما يأتيه تاجر قطاعي لشراء جوال أو جوالين بصل يمتنع عن البيع لماذا؟ ترقُّباً لما يسفر عنه السوق أو لانتظار ما تحمله أخبار التلفونات.. وهنا تحدث زيادة عالية في السعر نتيجة لنفاد المَعروض منه لدى تجار التجزئة وهذا هو سَبَب الفَوضى والهلع والاِرتباك الراهن، وإذا استمر غلاء البصل بهذه الوتيرة قد يتساوى سعر ربع الملوة منه مع سعر ربع كيلو اللحم العجالي الذي يبلغ الآن (70) جنيهاً وهذه تكاليف معيشية فوق طاقة المُستهلك الذي ينشد الرخاء بدلاً من الغلاء، ومهما يكن لا لبديل للبصل إلا البصل!! صحيحٌ يُمكنك الاستغناء عن اللحوم بالتحوُّل إلى العدس مثلاً، ولكن العدس نفسه يحتاج إلى البصل شأنه شأن اللحم، ففي الحالتين هو مطلوبٌ وعلى أيِّ حالٍ لا أرى تغييراً طرأ على تيسير معاش الناس اليومي حتى الآن!! فها هو رطل اللبن الحليب يُباع عندنا في مناطق الإنتاج بخمسة وعشرين جنيهاً للرطل..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.