خالد هاشم خلف الله

في الدعوة لتحويل السودان لإحدى ساحات الحرب على الإرهاب

شارك الخبر

تَحَدّث الأستاذ الحاج وراق الناشط السياسي اللامع في منتدى كباية شاي الذي درجت على تنظيمه صحيفة “التيار” بشكل راتب مساء كل خميس في حديقة مقرها، خلال تلك الأمسية قدم الأستاذ الحاج وراق بأسلوبه المعهود الذي يجمع بين سلاسة الطرح وشموله، استعراضاً للوضع في البلاد عقب الإطاحة بالنظام السابق، وقدم في هذا السياق رؤيته لما هو حادثٌ في البلاد على الصعيد السياسي، لكن في تقديري أن أخطر ما دعا له الأستاذ الحاج في حديثه بتلك الأمسية هو دعوته لتكوين قوات تكون مُهمّتها مُحاربة الإرهاب، ومهّد لتلك الدعوة بنشر معلومة عن تسلُّل عناصر من حركة بوكو حرام إلى العاصمة الخرطوم دُون أن يرفد الحضور بمدى موثيقية تلك المعلومة، في اعتقادي أن دعوة الأستاذ الحاج وراق لتكوين قوة خاصّة بمكافحة الإرهاب تحمل خطراً كبيراً على أمن البلاد واستقرارها، لماذا؟ لأنّ تكوين مثل تلك القوة يُمهِّد لجر الجماعات المناوئة للتوجهات التي أبدتها حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والتي ترى فيها تلك الجماعات توجهات مُخالفة لروح المجتمع السوداني وقيمه وتقاليده، تنقل تلك المُواجهات من إطارها الكلامي الفكري إلى ساحة المُواجهات الدامية والعَنيفة وهو ما لا يتمنى أحد حُدُوثه، كما أنه سيكون من شأن تكوين قوة لمُكافحة الإرهاب أن يعطي إيحاءً بأنّ البلاد تعيش في حالة صراعٍ مع جماعات التطرُّف العنيف وهو ما يجر إلى دائرة الصراع أطرافاً خارجية بعضها مُناصرة للجماعات التي تجرى مُكافحتها، ودول كرّست جُهُودها وقواتها لمُكافحة ومُحاربة الإرهاب أيّاً كانت مظانه ومواقعه، وهو الأمر الذي يُحوِّل البلاد لإحدى ساحات الحرب على الإرهاب، تلك الحرب التي لا يعلم أحدٌ مُستقرها ومُنتهاها منذ أعلنها الرئيس الأمريكيالأسبق جوج بوش الابن عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وجعل من أفغانستان أولى ساحاتها، ثم حين أخفق في العثور على أسلحة الدمار الشامل في العراق حجّته التي قادته لغزوه، قال إنّ العراق بات ساحة للإرهابيين، الذين كانت أراضي العراق خالية منهم تحت حكم صدام حسين، واجتذبهم مجئ القوات الأمريكية اليه، ثم توسّعت ساحات الحرب على الإرهاب لتشمل سوريا حين أعلن نظام الرئيس بشار الأسد أنه لا يُواجه ثورة شعبية ضد حكمه، وإنّما جماعات إرهابية، وها نحن نرى أنه بذات حجة مُكافحة الإرهاب، أطلقت تركيا مؤخرا ًعملياتها العسكرية في شمال شرق سوريا، والأمر كذلك في ليبيا والصومال وحتى اليمن، حيث كانت مكافحة الإرهاب هي الحجة الوحيدة التي تجمع طرفي الحرب الرئيسيين، التحالف العربي بقيادة السعودية وجماعة الحوثيين.
إذا كان الأستاذ الحاج وراق يعتقد أنّ إنشاء قُوة لمُكافحة الإرهاب، ستكون أداة يمكن استخدامها بشكلٍ مُزدوجٍ كأن يتم التلويح بها في وجه الجماعات المُخالفة للتوجهات التي تبديها حكومة حمدوك كأداةٍ وقائيةٍ أو حتى استباقية لكبح تطرُّف تلك الجماعات أو بإرسال لرسالة للمعنيين بمُكافحة الإرهاب، بأنّ السودان في عهده الجديد مُستعدٌ للانتقال ومُشاركته في مكافحة الإرهاب من خانة التعاون التي اقتصرت على تبادُل المعلومات مع أجهزة استخبارات دولية إقليمية منذ عهد النظام البائد إلى إحدى ساحات المُواجهات الفعلية ضد الجماعات المُتطرِّفة.
إنّ الولايات المتحدة شقّت منذ أشهر مساراً للتفاوُض مع حركة طالبان، وشهدت العاصمة القطرية الدوحة عدة جولات منها، فالبعض يُريد تحويل بلادنا لإحدى ساحات الحرب على الإرهاب، في حين تعمل واشنطن لتجد لنفسها مخرجاً من أفغانستان أولى الساحات التي دارت فيها تلك الحرب العبثية..!

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.