شباب معسكرات النازحين.. حياة قاسية

محمد آدم البالغ من العمر 22 عاماً من سكان معسكر زمزم بولاية شمال دارفور، ترك الدراسة قبل أن يكمل الصف السابع فهو مُعدم لا يستطيع شراء قلم أو كراس إذا احتاج إليهما. كما أن إصابة والدته بالغضروف وكسر ساقها اليسرى جعله يلملم بعض كتبه ومستلزماته الدراسية ويهديها إلى صديقه أحمد، فيما اتجه هو للعمل بإحدى الورش الميكانيكية بالفاشر ليوفر نحو (10) جنيهات ليتمكن من شراء طعام وعلاج لوالدته الخمسينية .
الفاشر : وجدان طلحة
قال الثوار
محمد يُعتبر ضمن آلاف التلاميذ بمعسكرات النازحين بولاية شمال دارفور الذين تركوا مقاعد الدراسة ليعملوا في مهن بسيطة ليوفروا مبلغاً بسيطاً لمساعدة أسرهم في شراء الطعام الذي يشتكي النازحون من قلته، هذا ما أكده منسق المعسكر حسن صابر في حديثه لـ(السوداني) وقال إن 80% من أطفال المعسكرات مشردون ولم يجدوا حقوقهم في التعليم، مشيراً إلى أن التلميذ يحتاج مبلغ (200) جنيه يومياً للدراسة، مطالباً حكومة الثورة بالالتزام بمجانية التعليم باعتباره من الحقوق الأساسية .
محمد آدم ما يزال يذرف الدموع وهو يتذكر كيف رأى جثامين 7 من إخوانه ووالده الذين قتلوا في الحرب التي اندلعت بدارفور منذ العام 2003م وأصبح هو الابن الوحيد لوالدته التي فرت مع أهل القرية خوفاً من قتلهم بالرصاص، ليستقر بهما المقام بمعسكر زمزم الذي يضم نازحين من 4 ولايات بدارفور من أصل خمس، ظلوا فيه لـ(17) عاماً ولاتزال أحلامهم بالرجوع إلى قراهم التي نزحوا منها تراوح مكانها، ينتظرون الوعود التي قطعها رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك لهم في زيارة إلى الفاشر قبل أسبوعين بإرجاعهم إلى قراهم وتوفير الحياة الكريمة لهم، مؤكداً لهم أنه لن يهدأ له بال حتى يحقق لهم ذلك الطلب .
الشاب العشريني قال إنه يطالب بتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية وكل قادة النظام البائد المتورطين في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ، قاطعاً بأن ذلك القرار لا تراجع عنه، معتبراً المحاكمة الجارية الآن مستفزة ولا تليق بحاكم ديكتاتوري تأذى منه المواطنون بلا استثناء، بالإضافة إلى أنه قسم الوطن إلى نصفين وأشعل الحروب في مناطق مختلفة، فضلاً عن قتل الثوار .
محمد كان ضمن آلاف الشباب الذين استقبلوا رئيس مجلس الوزراء في زيارته للفاشر الأسبوع الماضي، كان ضمن المشاركين في ثورة ديسمبر المجيدة لاقتلاع النظام البائد، حلمه الخروج من المعسكر لعدم توفر ابسط مقومات الحياة الكريمة –حد تعبيره- ، وقال إن الوضع بمعسكر زمزم لا يختلف عما كان عليه سابقاً ما يزال سكان المعسكر يعانون من الاإصابة بالملاريا وأمراض نقص الغذاء ويعاني الأطفال من أمراض سوء التغذية هذا ما أكده منسق المعسكر حسن صابر في حديثه لـ(السوداني) مشيراً إلى أن المعسكر يضم (376) ألف نازح فيما بلغ عدد الذين يتلقون دعماً غذائياً (132) ألفاً، مشيراً إلى أن أغلبهم نساء وأطفال، وطالب بدخول المنظمات التي (طردها) النظام البائد لمعالجة مشكلة نقص الغذاء.
الجنائية الدولية
سناء هكذا عرفت نفسها وأمسكت عن ذكر اسم والدها تبلغ من العمر 16 عاماً، أحكمت (لف) ملفحتها البيضاء بإحكام على وجهها ولم تُظهر إلا عينيها المحمرتين نتيجة لإصابتها بمرض الحساسية، فركتهما بقسوة من شدة الألم نتيجة لتعرضها لأشعة الشمس الحارقة .
سناء من الأطفال الذين ولدوا بالمعسكرات، تعيش هي ووالدتها بمعسكر السلام ، تخرج مع والدتها صباحاً إلى السوق لبيع الخضار، وتعود في النهار لتنظيف منزلهم الذي تبلغ مساحته نحو 10في 10 م ، تحمل باغة بيضاء تزن (36) رطلاً على رأسها لتجلب المياه من مسافة لم تستطع أن تقديرها بالكيلو متر، فقط قالت إنها مسافة بعيدة لكنها مجبرة على ذلك خوفاً من أن تعاقبها والدتها، مستدركة : لكن الوضع الآن أفضل من السابق لأن حكومة الولاية تسعى لتوفير المياه
سناء قالت لـ(السوداني) إنها لا ترغب في العيش بالمعسكر لعدم توفر الأمان، وأضافت: والدتها توصيها دوماً بألا تقترب من الشباب خوفاً من تعرضها للاغتصاب، مشيرة إلى أنها تعرف بعض الفتيات اللائي تعرضن للاغتصاب من مجهولين أجبروهن علي ذلك الفعل، وقالت بإصرار (الحكومة الجديدة لازم تحمينا من الناس الكعبين ديل) وأضافت هم قالوا بجيوا السلام مش صاح ) ،منوهة إلى أنها شاركت في مظاهرات ديسمبر المجيدة وفي أحد المواكب حاولت القوات النظامية تفريقه بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع وقعت على الأرض وأصيبت بـ(فك) في يدها اليمنى وأحياناً تشعر بألم تضطر لمسحها بـ(ملح ) .
استخدام السلاح
ممثل معسكري السلام وأبوشوك العمدة محمد آدم أكد أن د.عبدالله حمدوك هو أول رئيس وزراء يزور المعسكرات، وقال خلال زيارة حمدوك للولاية إن النازحين تنسموا الحرية بعد 17عاماً من وجودهم في سجون واسعة اسمها المعسكرات داخلها زنازين، مشيراً إلى أن النظام البائد عجز عن إدارة الخلاف بينه وبين معارضيه في مناطق النزاع المهمشة من بينها دارفور، ويفضل اللجوء إلى استخدام السلاح لإسكات المعارضة والاستعانة بالمليشيات من داخل السودان وخارجه لتصبح النتيجة وجود النازحين واللاجئين ونهب الأموال واغتصاب النساء .
محمدين يحيى وموسى محمد شابان من معسكر زمزم رحبا بزيارة حمدوك للولاية، مؤكدين وجود تغيير في حياة النازحين إلى الأفضل مقارنة بالعهد البائد، واستدركا: صحيح ما يزال النازحون يعانون من نقص الغذاء والحصول علي احتياجاتهم الأساسية، لكن الوضع تحسن بعد ثورة ديسمبر المجيدة، موضحان أن النازحين لا يريدون البقاء في المعسكرات، ويتمنون الرجوع إلى قراهم لممارسة نشاطهم الزراعي، مشيران إلى أن هموم شباب المعسكر تتمثل في توفير فرص التعليم للأطفال وتسليم الرئيس المخلوع إلى المحكمة الجنائية الدولية وقادة نظامه البائد الذين تسببوا في موت وتشريد أبناء دارفور ، مشيران إلى أن الحديث عن وجود مخدرات ومظاهر سالبة بمعسكرات النازحين إشاعة..

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.