حسن فضل المولى يكتب:

ورحل شاعر (من أرض المحنة)

شارك الخبر

لم أكن يوماً قريباً من فضل الله محمد، إذ أن أول مرة تقع عيناي عليه في العام (2004) بمنزل السفير أحمد عبد الحليم بضاحية المعادي في القاهرة.
وتواترت لقاءاتي العابرة به.. وكنت في كل مرة يجمعني به مجلس، يشدني نحوه إحساس بالراحة والانجذاب.. تراه راسياً كالطود الأشم وهو يحمل بين جنبيه فؤاداً يضج بالجمال والطمأنينة.. يُقبل عليك بكل الود والترحاب.. ورغم أنه كان يحوز كل عناصر السطوع والإبهار، إلا أنه آثر أن يعيش في هدوء وغادر الدنيـا في هدوء وسلام.
وأنا إزاء فضل الله محمد، لم أعهد لنفسي حرصها على إتمام عمل كما كان من أمر تسجيل برنامج يوثق لمسيرة حياته.
كنت أجد باعثاً لا يُقاوم يدفعني لذلك.. وعندما أبديت ما أنتويه لأحد الإخوة العالمين بأحواله، باعد بيني وبين بُغيتي وصور لي الأمر وكأنه يَهون أن ينزل القمر متحدثاً من أن نظفر بموافقـة فضل الله محمـد لتسجيل حلقة تلفزيونية.. لم استسلم وطلبت من الأخ صلاح التوم من الله إعداد محاور اللقاء، وحملت أوراقي وطرقت باب الأخ عبد العظيم عوض الذي قادني إليه، فنظرَ في المحاور مليّاً ثم وعدني خيراً.. عَهدنا بأمر التقديم والمتابعة للمذيعة الباذخة نسرين نمر… ولجأنا لرفيق دربه الأستاذ فيصل محمد صالح الذي أعاننا على بلوغ المبتغى بتحقيق رغبتنا في استنطاق الأستاذ فضل الله.. تملكني فرحٌ غامر والأستاذ عبد العظيم عوض ينقل إلي موافقته على تسجيل السهرة والتي أسميناها (زاد الشجون) وهي من عيون شعره، والتي أضفى عليها الموسيقار محمد الأمين ألقاً وسحراً فجاءت السَهرة حافلة بالحكايات والمواقف والأشعار المفعمة بالمشاعر العذبة والنبيلة لتكون آخر توثيق له، ولعله (والله أعلم) لم يسبقه سوى اللقاء الذي أجراه معه الأخ عبد العظيم عوض للإذاعة السودانية.
وأذكر أن الأخ عبد العظيم عوض ذكر لي أن الأستاذ فضل الله قال له: (لقد قدرت مجيء الأخ حسن وهو يحمل محاور اللقاء والتي أعدت بإتقان)، ثم أردف قائلاً وضاحكاً: (على الأقل نخلي حاجة بعد نموت) أو كما قال عبد العظيم.. رحم الله فضل الله محمد بقدر ما أعطى.. لقد سافـر بلا عودة وهـو القـائل:
قلنا ما ممكن تسافـر
نحن حالفين بالمشاعر
لسه ما صدقـنا إنك
بى جلالك جيتنا زائر
السفر ملحوق..
ولازم إنت تجبر بالخواطر

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.