محمود حسن سوار الدهب

من الأراضي المقدسة

شارك الخبر

يا إلهي، صمت متبوع بغصة في الحلق وحسرة وخوف ورهبة ألمَ ودمعة، حين ننظر لبيت الله الحرام شامخاً بنوره تعالى، ولصاحب هذه الروضة الشريفة، سيد ولد آدم، إمام أمة الإسلام، الذي اجتباه المولى عز وجل واصطفاه ليكون خاتما للرسل ونبياً خاتماً للأنبياء نزل عليه الوحي بالقرآن الكريم والأحاديث القدسية وأحاديثه النبوية، لا ينطق عن هوى، كل ما جاء من خلاله مقدس (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)) سورة النجم ، لذا قال أئمة الأمة إن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذه الروضة الشريفة، إن مقام سيدنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم يعجز كائن من كان عن وصفه إلا كنقطة ماء من محيط، أتى برسالة سماوية إلهية تنظم حياة البشرية، وهي ليست نتيجة منطق بشري أو آراء لتفكير إنساني، أنه القرآن الكريم والسنة الشارحة، النور المبين وصوت الوحي بياناً للحياة الإسلامية الطيبة التي جاء بها صلي الله عليه وسلم، فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن اتبعه فقد أحبه الله، نعم المطلوب من الأمة الاتباع وليس الابتداع والآراء، وعن على رضي الله عنه قال (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، يمسح على ظاهر خفيه (أخرجه أبوداؤد بإسناد حسن)، والتأليف البشري من علوم المنطق والكلام والفلسفة والمدعون بأنهم أعلام الفكر العالمي والمحاولات البائسة الفاشلة للإضافة والحذف والتقديم والتأخير وكثير، إنها إجتهادات بشرية لن تؤثر على النور المبين، وسيظل ويبقي ساطعاً منيراً هدى للعالمين إلي يوم الدين، إن العقل البشري مهما تقدم في علومه الأرضية فله محدودية وتحكمه الاهواء والغرض والبيئة، وقد ترك الدين للعقل مجالا في محيط الكون المادي، وأمامنا الحضارة الحديثة وحضارات كثيرة أنتج فيها العقل الإقتراعات والإبداع في الجانب المادي وكله من فضل خالق الإنسان، أما الغيبيات وما وراء الطبيعة والبعث والسر الإلهي فلا مجال للعقل البشري الولوج إليه فقد اختصها المولى عز وجل لنفسه مالك الملك القدير، والدين لا يناقض العقل وهو نور العقل والهادي له، فإذا رأي العقل ما يخالف هدي الدين فهو عقل منحرف لأنه لن يستطيع أن ينتج ما يوازي الرسالة الإلهية، والمسلم المتدين الذي هداه الله لا تدور في عقله الأوهام، ويعلم أن الدين نزل به الوحي له قواعد ومبادئ شرعها الله لا يحتكم للإنسان ولا يطلب منه رأي أو مشورة، ويعلم أنها الرسالة الخاتمة للبشرية، رسالة السماء، إنها الحقيقة وجوهرة الحياة للاتباع لمن اهتدى ومن ابتغى غيرها انحرف وضل وحاد عن الصراط المستقيم، ونرى كثيرا من الملفقين والمنافقين الذين يبدون بأرائهم الفجة في مبادئ الدين وأحكامه وقواعده التي شرعها الله، نسأل الله السلامة ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسمع ونرى الملفقين وبالمكشوف لا حياء ولا خوف، نقداً لشرع الله (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ … (11)) سورة البقرة، في الميراث لهم رأي، تحت ستار حقوق المرأة ومنهم من ينتقد الحدود، وقطع يد السارق والسارقة ولهم رأي والعياذ بالله وكثير هذه أمثلة وليست حصراً – نسأل الله السلامة إذاً ماذا تبقى يا أمة الإسلام بعد؟ نكتب والألم يعتصر قلوبنا مما آلت إليه أمتنا الإسلامية، إن الفطرة الإنسانية خلقها الله سبحانه وتعالى في كل خلقه طاهرة نقية تتفهم هدى رب العالمين وتهتدي به، أما إذا تعرضت الفطرة للتخريب والتشويه تصبح في ضلال بعيد وظلام وجاهلية ويركب صاحبها مراكب إبليس وتبحر به في ظلام لجي في بحار التيه والهلاك أمواجها عالية تنتهي وترسو في أبواب جهنم وبئس المصير، والعياذ بالله، لا نبغي مخاشنة أو إساءة لأحد وما نكتب ما نراه عندما نلبس منظار الدين ونتابع بالمجهر كل عميق ودقيق في حالة الأمة من تداعي وضعف وفتن والخروج عن سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وظهور البدع الشركية يقودها المبتدعون خلافا لما جاء في السنة النبوية، وطوائف خارجة عن الدين جملة وتفصيلاً نسأل الله السلامة ومحاولات دس السم في شرع الله فيما ينادون به ما يسمي (حقوق الإنسان ) وقد ظهرت وثيقة حقوق الإنسان لمحاربة الأديان مع تركيز خاص على الدين الإسلامي بعد أن درس الغرب مضامينه ووجد فيه الإعجاز والاستحالة في محاربته وتأكد لهم أنه الحق وتمدد في بلدانهم وانتشر وإنه دين يحيك في الصدر ويجول داخل الأفئدة والنفوس بقوة حجته ونوره وكثير من آياته (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (أَفَلَا تُبْصِرُونَ) (يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) والمسلم يسلم تسليماً كاملاً تاماً ويتوجه لله صادقاً بدون أية شك يجول في نفسه، فأجتمع فلاسفتهم وخبراؤهم والصهيونية العالمية وشواطينهم وقرروا أن يأتوا بدينهم (الرابع) بعد اليهودية والنصرانية والإسلام، وطبخوا في الغرب (حقوق الإنسان) وأخذوا من التوراة قليلا وكذا من الإنجيل وأكثره من القرآن وأضافوا إليه أفكار وبهارات فلاسفتهم وسمومهم، وطالبوا كل دول العالم بالموافقة والتوقيع عليه وقد حدث، ومن نافلة القول إنني أحمل درجة الماجستير في حقوق الإنسان وأعلم ما في أحشائها ودواخلها وأتبرأ منها بعد أن تبين لي الحق المبين وأحمد الله رب العالمين، . نحن أمة الإسلام نعبد الله وحده في عظمته وجلاله ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ونؤمن برسالة الإسلام القرآن الكريم والسنة المطهرة الشارحة مخلصين للدين وهذه الوثيقة (حقوق الإنسان) ناتجة عن العقل البشري الذي لا يحيط بالأسرار الإلهية التي هي أسمى وأرفع بأن يحيط بها الإنسان الذي خلقه المولى عز وجل من طين ويعلم ما فيه وما عليه وحتى ما توسوس به نفسه، وخلق كل شيء بقدر، نسأل الله أن يصرف عنا وثيقة (حقوق الإنسان ) وأن يكفينا شرها المستطير والسموم المدفونة في داخلها، وسبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، نعم لا نقبل في ديننا إضافة أو تغييرا أو تبديلا نقصاً أو زيادة أو حذفا أو بترا، إن وثيقة (حقوق الإنسان) التي يتمشدق كثير من الخلق بها كتبها شواطين الإنس بمنطقهم وأهوائهم وأغراضهم وهو نفس منطق إبليس اللعين الذي أخرج أبانا آدم وأمنا حواء من الجنة، إنهم يريدون تفريغ ديننا الإسلامي من محتواه وقواعده وأسسه ويدخلون في دار البوار، نسأل الله السلامة .
أيها الأحبة الدين طاعة وأن لا يتدخل العقل بالتعليل في الدين وهي المزالق ومسالك الشيطان ويؤدي ذلك لاختلاف الناس باختلاف عقولهم وإدعاء كل واحد بأنه هو على الحق وغيره على الباطل، لذا لإقامة الدين لابد من القلم ويعني العلم، والسيف ويعني القوة والشوكة، وفي الفقه وأصول الدين لم يترك العقل طليقاً ليسبح كما يشاء لأنه لن يصل للحقيقة الكونية إلا بالإتباع بما جاء به الوحي وما أنزل من قرآن كريم على نبينا صلى الله عليه وسلم وإتباع السنة المطهرة .
ويلحظ كل باحث ومتابع لكتب الفقه الصادرة بعد التابعين وتابعي التابعين، على خلاف كتب السلف التي أوردت وقدمت الاحاديث بصورة مقدسة خالصة من الاجتهادات والإضافات للكتاب المتأخرين مع الاحتفاظ لهم بالتقدير، وطريقة السلف أهدى وأعمق في عرض الأحاديث النبوية وكلها هدي ونور قريبة من القلوب بأسلوب سلس متناغم جميل، سهلة الفهم على الأمي والمثقف الباحث الذي يعلم مصدر الحكم من الذي هو لا ينطق عن هوى صلى الله عليه وسلم، وفي الفقه توجد أمهات الكتب اولها وصدرها القرآن الكريم وصحيح البخاري (أصح كتاب بعد كتاب المولى عز وجل ) وصحيح مسلم ونيل الأوطار للإمام الشوكاني، ورياض الصالحين، وكتب ابن تيمية شيخ الإسلام ومن أعظم كتبه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم – والقضاء والقدر درر يا ليتها تدرس مقررات بجامعات بلاد أمة الإسلام وكتاب الترغيب والترهيب وكتاب إحياء علوم الدين وسيرة ابن هشام وكتب المذاهب الأربعة وكثير من كتب الفقه لا يسعها المقال، نسأل الله أن يجزي معديها خيراً كثيراً فكلها إضاءات في هدي رب العالمين نبينا وحبيبنا السراج المنير نور الدجى وسفينة النجاة، شفيعنا يوم العرض صلى الله عليه وسلم، في صدر الإسلام كان صحابة النبي صلى الله عليه وسلم يلجأون إلى الآيات القرآنية ليستدلوا على الصواب، وإلي احاديث النبي الكنوز المنثورة يستمدون منها الرشد لانه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ويدعوا إلى الله على بصيرة، .
ولننتبه إلى أن الشريعة الإسلامية ليست نظاما كما يدعي البعض وجمعها (أنظمة)، إنما الشريعة الإسلامية (أحكام) إلهية بياناً للحياة الإسلامية حسب ما بينه القرآن الكريم وشرحها النبي صلي الله عليه وسلم وهي التي تلبي حاجات المجتمع المسلم خاصة والبشرية عامة، وطلب من المسلمين الانضواء تحت رأي اللواء الإلهي والدخول لساحات الإيمان الربانية ليشملهم الفيض الإلهي بكرمه وجوده ورحمته، فيطبعوا الحياة بطابع العبادة والاستغفار والصلاة على النبي وتكون أعمالهم عبادة في الزراعة والصناعة وكل العلوم الأرضية وسكناتهم هدى وأنفاسهم تتبع النور الإلهي لتكون أمتنا خير أمة كما أرادها المولى عز وجل ونبينا صلى الله عليه وسلم .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب والحمد لله رب العالمين .

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.