المستشار القانوني ماجد عثمان إدريس لـ (السوداني):

  • حتى في عهد الطغمة التي كانت حاكمة لم يحدث تحكّم في الصحف بهذا الشكل
  • مستعدون للمثول أمام أية جهة قانونية للإجابة على أي سؤال حول أموال وممتلكات الشركة
  • قانون التفكيك خالف الوثيقة الدستورية في أنه غل يد القضاء
  • سنواصل في القانون رغم أنهم لا يتعاملون به
  • اللجنة تقمصت شخصية النائب العام في إصدار أوامر الحجز وكل إجراءاتها خاطئة
  • اللجنة لا تملك سلطة تعيين مشرف على جهات لا تتبع لها وللدولة إطلاقاً
    حوار: فتح الرحمن شبارقة
    تصوير: سعيد عباس
    بعد أن أصبحت قضية الحجز على الصحف بدوشكات الدعم السريع، قضية رأي عام بامتياز، ووجدت اهتماماً يليق بها في الأوساط الإعلامية والسياسية وعامة المواطنين، ظل الجميع يتابعون باهتمام بالغ الخطى المتثاقلة إلى إعادتها للصدور ومعانقة أعين القراء مجدداً كما ينبغي لها أن تكون في وطن رفعت ثورته شعارات الحرية والعدالة.. فموقف النظم الحاكمة من حرية الصحافة والحجر عليها هو المقياس الأوضح على مدى صدقية ما تدعيه من ديمقراطية كما قال رئيس المؤتمر السوداني المهندس عمر الدقير في عز أزمة الحجز الجائرة. ولذلك ربما، كان طبيعياً أن يتواصل الاهتمام بقضية الحجز على الصحف بقوة السلاح عقب السماح لها بمعاودة الصدور بعد تعيين مشرفاً عليها، الأمر الذي دفع بحزمة من التساؤلات ذات الصبغة القانونية حول دلالة هذه الخطوة وحدود صلاحيات وتفويض المشرف. تلك التساؤلات وضعتها بالأمس على طاولة المستشار القانوني لصحيفة (السوداني) الأستاذ ماجد عثمان إدريس المحامي، الذي كشف عن معلومات مهمة، وجوانب قانونية شديدة الأهمية فإلى مضابط الحوار:
    *ماهو تكييفك القانوني للقرار الذي صدر من لجنة تفكيك التمكين وسمح للسوداني بمعاودة الصدور بعد تعيين مشرف إداري ومالي.. هل هو رفع للحظر، أم رفع جزئي، أم تكريس لقرار اللجنة بالحظر؟
  • أنا استبشرت خيراً بأن الناس عادت للحق وتنفيذ القانون، لكن للأسف الشديد وكنت متابعاً أمس وأول أمس لمعرفة حدود تفويض المشرف حسب القرار المبهم، لأن القرار بالصورة التي صدر بها (مفوض تفويضاً كاملاً بالشؤون المالية والإدارية) (ما اياهو). وما فهمته بأنه سيكون هناك تعاون بين الناس، ولذلك قلت لهم خلاص سنفتح صفحة جديدة يكون فيها تعاون طالما شعروا بخطئهم، لكن للأسف الشديد فوجئت اليوم (أمس) بالمدير العام الأخ حاتم عبد الغفار يقول لي بإن البراق النذير الوراق الذي تم تعيينه مشرفاً قال لهم بإن عدد صفحات الصحيفة لا يزيد عن (12) صفحة بينما تم الترتيب والإعداد لعدد الأحد ليكون من (16) صفحة، وقال لهم لا تزيدوا عدد النسخ المطبوعة عن آخر عدد صدر بينما كانت الصحيفة تنوي زيادة المطبوع. فشعرت أن هناك تدخلاً حتى في عمل رئيس التحرير، فقلت لحاتم ارسل لي رقمه..
    *عفواً للمقاطعة.. فالسؤال عن تكييفك للقرار تحديداً؟
  • تكييفي يأتي بناء على كلامه الذي قاله لي باللفظ.. فأنا تواصلت مع الأخ البراق عبر التلفون وقال لي إنه مسؤول مسؤولية كاملة وهو المدير لهذه الشركة الآن ولن يدع أي شخص يتدخل في أي ناحية.. فقلت( له حتى لو جئنا نشتري كباية قهوة نرجع ليك؟)، فقال لفظاً: (كباية القهوة لو ما رجعتو لي ما تشتروها).. فإذا كان هذا كلامه، فهذا يعني أنه لا يوجد قرار بمعاودة السوداني للصدور.. ولمن تتبع الآن؟ والصحفيون أنفسهم رواتبهم والتزاماتهم عند من؟ ومن أين سيتم الصرف عليهم وعلى الورق؟.. فلا جديد في القرار طالما أن المشرف يتحكم في ما يدخل ويخرج، بل بالعكس هو تكريس للقرار السيئ الأول.
  • الصحيفة فيها رئيس مجلس إدارة ومدير عام ورئيس تحرير، فأين موقع المشرف بالضبط في التراتيبية الإدارية للصحيفة الآن؟
  • حسب كلامه لا يوجد معه أي زول – (أنا ربكم الأعلى).
  • حسب علمك هل هنالك سابقة نظيرة لمسألة تعيين مشرف مالي وإداري بهذه الصلاحيات؟
  • حتى في عهد الطغمة التي كانت حاكمة ووضع جهاز الأمن ليده على الصحف لم يحدث مثل هذا الأمر، فقد كانت الجريدة تمنع من الصدور، لكن لا يُتحكم في مالها وأشيائها، فحتى لو كانت باسم الدولة أنت بتحفظ حسابات ولا تتدخل في صرف حسابات لأن هنالك مساءلة. وبهذا القرار أنت كأنك أعلنت قرار مصادرة ونصبّت نفسك محكمة، ليس محكم فقط وإنما محكمة أصدرت قرارها كذلك بمصادرة الصحيفة وأيلولة الشركة عموماً للدولة. وهذا معنى كلامه وقراره.
    *من أين سيتم الصرف على هذا المشرف.. هل من الصحيفة أم الدولة؟
  • الكلام الواضح أنه هو الذي يتصرف، فالبديهي هو الذي يحدد أشياءه لأنه لم يأتينا ما يفيد بمن الذي سيصرُف عليه هو.
  • وهل جاءكم ما يحدد مهامه واختصاصاته على وجه الدقة؟
  • قال هو كل شيء.. ومثلما قلت لك.. (أنا ربكم الأعلى).
  • هل تملك لجنة تفكيك التمكين سلطة تعيين مشرف على جهات لا تتبع لها وللدولة؟
  • إطلاقاً. وهذا الحق كنظير له عندما يخلو القانون من النص نرجع للقانون العام، والقانون العام في مثل هذه الحالات يتكلم عن أن من حق المحكمة تعيين حارس قضائي وتحدد له سلطاته وإشرافه. لكن ماهي علاقة اللجنة أصلاً بإصدار هذا القرار، فهي أصدرت قرارها الأول وهو مستأنف منذ ما يقارب الشهر، وبالتالي كل الأمر الآن أمام لجنة الاستئناف، فكيف لها أن تدخل في أمر تجاوزناه نحن فيها باستئنافنا لقرارها..
    *إذن تدخلها ليس له سند قانوني برأيك؟
  • تدخلها ليس لديه سند من القانون أو العرف أو أي شيء طالما أن الأمر الآن من المفترض أن يكون بين يدي لجنة الاستئناف.
    *هل تملك الصحف ألا أن تقبل بهذا المشرف؟
  • طبعاً.
    *هذا يقودنا للسؤال مباشرة عن إجراءاتكم وخطواتكم المقبلة؟
  • نحن سنواصل في القانون رغم أنهم لا يتعاملون بالقانون إلى أن نصل إلى لجنة الاستئنافات التي بالنسبة لنا حتى الآن هي لجنة مبهمة ما قادرين نتواصل معها ولا نعرف مقرها ولا ما هي وحتى استئنافنا الذي قدمناه للجنة الاستئنافات استلموه منا (ناس اللجنة الأولى) المستأنفين قرارها لأن هذه اللجنة ليس لديها مقر- وهذا على لسان من قابلتهم من أعضاء من اللجنة. وعندما ذهبنا للمتابعة في القصر الجمهوري والمجلس التشريعي حُرمنا كشركة ومحامين للأسف من الدخول والمتابعة. حتى أن استئنافنا قدمناه لاستقبال القصر الجمهوري بعد أن مُنِعنا من مقابلة لجنة الاستئنافات.
  • وهل مثل هذه (القصة) قانونية ودستورية؟
  • أي قصة؟.. فهي مجموعة قصص. وكلها ليست قانونية وليست دستورية وليست أخلاقية حتى.
    *برأيك ماهي أهم الأخطاء التي تم ارتكابها منذ البداية؟
  • أعتقد قبل ارتكابهم لخطأ في حق دار السوداني للنشر، أفتكر ارتكبوا خطأ في حق الوطن نفسه. فالمطبعة كلفت ملايين الدولارات وتوقفت لفترة طويلة وفيها مواد كيميائية ممكن تسبب ضرراً للمطبعة، وحتى لو فرضنا انها ستؤول للدولة فكان يمكن أن يتم موضوع الاشراف هذا من البداية ويتم تقنينه بين الطرفين بين اللجنة وإدارة الشركة إلا أن يتأكدوا.. وهم لو كان عندهم أي دليل كما ادعوا بأنها عندها علاقة بالمؤتمر الوطني أو أي شيء فما كان عليهم أن يصمتوا حتى اليوم، فهم ما عندهم شيء وكان يمكن جلوس الطرفين وتكوين لجنة لتسيير الصحيفة، وهذه المطبعة مرتبطة بعقد سنوي مع جهة خارجية، هي صحيفة الشرق الأوسط السعودية، والآن توقفت وهذا سيعرضنا لشروط جزائية وكذا.
    *برأيك ماهي أبرز أخطأء لجنة التفكيك فيما يلي صحيفة السوداني؟
  • والله إجراءاتهم من أولها وإلى آخرها خطأ، ولا يوجد إجراء واحد صحيح من قرارهم عديم التاريخ وتطبيقه بدون أن يكون موجوداً وقتها وتقمصهم شخصية النائب العام في إصدار أوامر الحجز رغم أنه حسب قانونهم نفسه أن الحجز لا يتم إلا عبر النيابة بعد تقديم طلب أو توصية بالأمر فهم أصدروا أمر الحجز مباشرة. واللجنة نفسها عندها اسمان.. الاسم الأول الذي كتبوه في ورقهم المروّس الذي ظهر لنا فيه القرار لاحقاً (لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الأموال) والقانون نفسه الذي أنشأهم في المادة (5) قال تنشأ لجنة تسمى (لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو) يعني أصبحت هنالك لجنة سماها القانون ولجنة بورق مروّس وختم هي حقيقة بالقانون غير موجودة.
  • هل القانون نفسه فيه أخطاء؟
  • القانون كله أخطاء.. فهو خالف الوثيقة الدستورية في أنه غل يد القضاء، وقال إن المحكمة التي ستتكون ليستأنف لها قرار لجنة الاستئناف ما عندها حق أن تصدر أوامر وقتية !!. أليست هذه مخالفة واضحة للدستور؟!
  • هذه الأخطاء لقانون التفكيك ألا ترى أنها لا تساعد على تحقيق العدالة كما أُريد له؟
  • نحن دائماً لا نأخذ القانون كما نريد. ونتكلم عن قصد المُشرّع. وقصد المشرع مع القانون الذي صدر مع طريقة التطبيق، الثلاثة يتنافون مع بعض. وأعتقد أن هذا مرده لضعف الخبرة، فكل القائمين على أمر هذه المسألة ضعيفي الخبرة بما فيهم للأسف القانونيين الذين صاغوا هذه المسألة، وهذا يقودنا للخلل في الوثيقة الدستورية نفسها.
    *ماذا تقصد بـ (الثلاثة يتنافوا مع بعض)؟
  • مفروض قصد المُشرّع من النص هو تحقيق غاية محددة، وقصد من صاغوا هذا القانون كان غاية مختلفة من الغاية الأولى، والتطبيق كان غاية ثالثة مختلفة تماماً.
  • … ؟
  • مثلما قلت إن الناس القائمين على الأمر قليلي الخبرة، وللأسف يستغلون الجانب العاطفي للشعب السوداني لأن كل من يخالف أشياءهم هذه هو كوز وثورة مضادة، والأمر ليس كذلك، وهنالك أخطاء يجب الاعتراف بها ومعالجتها، وهذا ليس عيباً، ولكن رمي هذه الأخطاء في النظام السابق والطرق على ذلك فهذا يرجعنا للوراء كثيراً جداً، فنحن على استعداد في شركة دار السوداني للطباعة والنشر أن نمثل أمام أي محكمة وأمام أي نيابة وأمام أي جهة قانونية للإجابة على أي سؤال حول أي أموال وممتلكات أو شيء يخص هذه الشركة، والذي حدث الآن أعتقد تفكيك للقانون من هذه اللجنة، وأعني تحديداً القانونيين فيها، فهم من فككوا هذا القانون.
شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.