يظل حمدوك

كتبت أمس عمودي عن المحاولة البشعة واللا إنسانية التي تعرض لها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ونجا منها بحمد الله.
لكن بعد قراءتي ما خطته منى عبد الله، زوجة حمدوك في صفحتها بـ”فيس بوك”، حذفت ما كتبت.

كنا منشغلين بالحادثة وأسبابها، التحقيقات، المتهمون المحتملون، البيانات الصادرة من القوى السياسية ومن الدول الخارجية، آراء الشارع، نتائج الاجتماعات الأمنية، التدابير المتخذة، الأضرار التي حدثت، الاعتقالات التي تمت.
كنا نحلل عن المستفيد من الأمر، أهم الدولة العميقة التي عادةً ما تكون أولى الخيارات، أم المتطرفون الإسلاميون، أو المتطرفون اليساريون، أهم مكونات عسكرية أو أمنية متفلتة، أم مكونات سياسية غاضبة؟
أكانت رسالة في بريد خاص أم بريد العامة، وهل كان القصد شوشره وإصابات أم قتل..؟!
تتداعى الأسئلة وتتعدد التحليلات ولا إجابة واحدة.
نقلتنا منى عبد الله في لحظات من قساوة الشكوك وكثرة التحليلات لما هو عاطفي.
في مثل هذه الأوقات تقل العاطفة خاصةً لمخبرين أو صحفيين أو كتاب، لأن المعلومة “الجافة” التي تحمل بين جوانبها شيئا من القساوة، هي الأهم.
في لحظة ما، لم تفكر منى كثيراً بوضعها الاجتماعي “السوداني” وهي تكتب، خرجت مشاعرها عفوياً دون تردد أو تصحيح.
وهي تثني عليه وتتحدث عن صفاته التي أحبها الناس في حمدوك صِدقاً، قالت “ليس هناك ما يُبهر أو يدفع للتمسك بالسلطة” وأنها تتمنى إغماض عينيها لترى انتهاء الفترة الانتقالية.
تمعنت في الكلمات، ربما لأن السلطة تغري الكثيرين وتبدلهم ما إن يجلسوا على كراسيها، والآن أمامنا الشواهد..!
ربما عزاؤنا أن هذا السلوك ليس مقتصرا على السودان بل معظم أنحاء العالم.
نادراً ما يجد الإنسان مسؤولاً زاهداً في السلطة، بدافع “الزهد” وليس المرض أو السفر أو اختيار وضعٍ أفضل.
في السودان الآن، لا شيء يبدو مغرياً للسلطة والمناصب، جميع الأشياء فقدت بريقها وروحها، المناصب ما عادت مريحة والإعلام لا ينتظر أو يصبر أو يرحم، الأقنعة تسقط سريعاً والأشياء تتكشف، التنمر في وسائل التواصل الاجتماعي في ازدياد، تحقيق الإنجازات في انخفاض والفشل في ارتفاع..
نعم يا منى السلطة ليست مغرية، صحيح أن حكومة “حمدوك” متعثرة، تمشي بصعوبة، قليلة النجاحات، لكن لما ذكرتيه مازال الشعب ملتفاً حول رئيس الوزراء مؤازراً له متضامناً معه، متأكداً من نبله وصدقه.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.