د.عبدالرحمن أبوالقاسم محمد

التمكين وإزالة التمكين

شارك الخبر

للتمكين مفاهيم كثيرة ومتعددة حسب المجال, سياسيا كان أم اقتصاديا ام اجتماعيا , فالتمكين من ناحية إدارية هو الداعم لتحقيق أهداف المنظمة المرجوة . ولكن الأهداف تعد أهدافا نسبية تختلف حسب توجهات المنظمة , فاذا كان التوجه سياسيا والهدف منه تقوية بعض الأفراد بالسلطة والمال واتخاذ القرار من أجل تحقيق أهداف حزبية او سياسية ,(كما فعلت الإنقاذ) فهذا النوع من التمكين تمكين سياسي يهدف الى الاستقواء بالسلطة من أجل البقاء وإقصاء الخصوم السياسيين , أما التمكين الإداري الذي يهدف الى تمكين العاملين بالمعرفة والتقنية والمهارات الإدارية من اجل تحقيق أهداف المؤسسة المرجوة والمصلحة العامة , فهذا النوع من التمكين يعد تمكينا إيجابيا(فينبغي ان نفرق بينهما).
فالتمكين من تعاريفه هو مجموعة من الممارسات لإعطاء القوة للمستويات الدنيا , كما هو تزويد العاملين بالسلطة والمعرفة اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة وزيادة دافعية العاملين من خلال تفويض السلطة للمستويات الدنيا. ومن أبعاد التمكين , تفويض السلطة وفرق العمل والتدريب والاتصال الفعال والتحفيز , من هذه التعريفات يعد التمكين ايجابيا ولكن بشرط ان يحقق تلك الأهداف المنشودة للمؤسسات وليست أهدافا سياسية أو حزبية ضيقة .
نقول هذا بمناسبة لجنة إزالة التمكين التى كان تكوينها ضرورة حتمية في هذه المرحلة لعدة أسباب , منها:لان النظام المباد عمل على تقوية منسوبيه في كل مؤسسات الدولة بالسلطة وأحيانا بالمال من أجل البقاء والاستقواء وتحقيق أجندته السياسية والقدرة على القيادة, فكان التمكين احدى سمات النظام المباد وخصوصا في المرافق الحكومية والاقتصادية الكبرى , فحتى القطاع الخاص طالته أيدي التمكين واستغلال النفوذ , حيث كان أهل الولاء هم أصحاب السلطة والمال وهم الأولى بالترقي والسير الوظيفي والاستئثار بالمال والسلطة(وأحيانا التمكين اثنياً وليس حزبياً) .
لن تكتمل الثورة إلا بإزالة كل مظاهر التمكين السلطوي وإزالة النفوذ وتجفيف منابع التمكين الاقتصادي للنظام المباد , لان ايدولوجية أنصار النظام المباد لا تؤمن بحتمية التغيير وترى فيه صراعا آيدولوجيا بين اليسار واليمين وتشيطن الحاضنة السياسية للحكومة (قحت) رغم ان تحالف قحت يضم طيفا من اليمين والوسط وقليل من اليسار. هذا الصراع التاريخي تجاوزه الزمن ونحن الآن ينبغي ان نقبل على تهيئة الوضع لتقبل الآخر وتجسيد معنى الإرادة الوطنية التي تعني في أبسط معانيها التخلي عن أي أجندة حزبية او ذاتية أو مناطقية من اجل المصلحة العامة .
ولذلك نجد ان إزالة التمكين ضرورة حتمية , للحفاظ على وتحقيق أهداف الثورة والتحصين من الثورة المضادة وتحقيق الأهداف المرجوة للمؤسسات التي جعلتها سياسة التمكين تحيد عن أهدافها ومسارها الحقيقي وأصبحت مؤسسات بلا رؤية ولا أهداف وتحولت الى حاضنات لأنصار النظام المباد . عليه تحتم الضرورة إزالة التمكين السياسي واستبداله بتمكين إداري من خلال تفويض السلطة للمستويات الدنيا لإعطائها القوة ,وتزويد العاملين بالسلطة والمعرفة اللازمة لتحقيق أهداف المنظمة وزيادة دافعية العاملين, من خلال تفويض السلطة وفرق العمل والتدريب والاتصال الفعال والتحفيز ووضع الخطط والأهداف الطموحة والهيكل الوظيفي الذي يتناسب مع الأهداف المرجوة . وهذا التمكين الإداري لا يتم إلا بإزالة أنقاض التمكين الإنقاذي حتى يعمل الجميع يداً واحدة من اجل المصلحة العامة للوطن بعيدا عن أي أهداف حزبية وايدولوجية ضيقة .
هذه السطور توضح للذين يرون في إزالة التمكين تمكينا آخر, خطأ اعتقادهم لأن تحالف قحت ليس مؤدلجا بل هو تحالف عريض يصعب أدلجته, وما يعتبرونه تبديل تمكين بتمكين ما هو إلا تمكين إداري حتى تحقق المؤسسات أهدافها المرجوة وتحقق الثورة أهدافها ويتحقق ما خرج من أجله الناس, وما الخلاف بين مكونات قحت إلا دليل عافية لمواصلة تصحيح مسار الثورة.
خارج السور:
من فطموا من السلطة يستغلون تفاقم الوضع الاقتصادي ويحشدون الحشود وينشطون إسفيريا لإسقاط حكومة الثورة . فينبغي ان تحصن حكومة الثورة بإنجاز كل ما يلي الاقتصاد ومعاش الناس , لتحقيق ما خرج من أجله الناس من ناحية، وقطع الطريق على المتربصين.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.