الزيت في السد

(1)
في آخر الأسبوع الماضي جاء في الأخبار ان الجيش السوداني قد أعاد الانتشار في منطقة الفشقة على الحدود السودانية الأثيوبية، وشاهدنا الفريق البرهان يهبط من الطائرة هناك ويخاطب الجنود قائلا إن الجيش السوداني قادر على حماية الأراضي السودانية ولن يفرط في شبر منها، ثم في يوم الجمعة جاء الى البلاد رئيس هيئة أركان الجيش الأثيوبي وقابل كبار المسؤولين ونظراءه في الجيش السوداني ثم جاء في الأخبار ان رئيس الوزراء الأثيوبي قد اتصل هاتفيا بالفريق أول البرهان . أها ماذا دار في هذا الاتصال ؟ الإجابة مناقشة العلاقات المتطورة بين البلدين (سنة يا المتطورة) في ذات يوم وجود رئيس هيئة الأركان الأثيوبي في الخرطوم، زارها عباس كامل مدير المخابرات المصرية ويرافقه وزير الري المصري ثم كان ان اقتحم الجيش السوداني مركز أبحاث تابع لوزارة الري بضاحية سوبا ومنع موظفيها من دخولها، فاحتج وزير الري ويقال والعهدة على الرواة أن هناك صلة بين زيارة المسؤولين المصريين وما حدث في سوبا، ولكن المؤكد ان هناك صلة قوية بين زيارات المسؤولين من دولتي الجوار، وأما آخر الأخبار غير المؤكدة تقول ان الجيش الأثيوبي بدأ يعيد الانتشار في الفشقة.

(2)
هذه الفسيفساء الأخبارية أعلاه يمكن تجميعها في خبرين سابق ولاحق، أما السابق انه عندما وضعت مسودة اتفاق حول ملء سد النهضة وتشغيله نتيجة محادثات ماكوكية بين دول النيل الشرقي الثلاث ووساطة أمريكية رفضت أثيوبيا التوقيع عليها ووقعت مصر ورفض السودان التوقيع فوقع تلاسن بين المسؤولين الأمريكيين والأثيوبيين، ووقع عتاب وغضب من مصر تجاه السودان، أما الخبر اللاحق فهو إعلان السودان موافقته على الوثيقة الأمريكية حول السد في مطلع هذا الأسبوع أي تلك التي رفض التوقيع عليها سابقا، وبين الخبرين كانت زيارة الفريق حميدتي للقاهرة وعندما سئل عن موقف السودان الممالي لأثيوبيا في سد النهضة أجاب بأن ملف السد بيد رئيس الوزراء حمدوك، وآخر الأخبار هنا تقول ان السيد حمدوك سوف يزور القاهرة قريبا ثم بعدها سيزور أديس ابابا . إذن ياجماعة الخير كل هذه الزحمة الأخبارية خلاصتها أن السودان كان قريبا من أثيوبيا في مفاوضات سد النهضة ثم غير موقفه وأصبح أقرب لمصر وان التباين في الموقفين راجع للاختلاف في المواقف بين مكوني الحكومة المدني والعسكري من ذلك السد.

(3)
في ظل النظام السابق كانت الحكومة مؤيدة لقيام سد النهضة لا بل صوره بعض المسؤولين أنه سد سوداني قبل أن يكون اثيوبياً وهذا الموقف راجع لأسباب سياسية أكثر مما هي فنية .الحكومة الانتقالية الحالية موقفها من السد مضى على ذات النهج السابق ولأسباب سياسية قد تكون مختلفة عن اسباب سابقه . إذن ياجماعة الخير موقفنا في السودان حتى هذه اللحظة من سد النهضة ما زال تتحكم فيه الأهواء السياسية . نعم هناك دراسات سودانية عميقة حول هذا السد ولكن للأسف موقف السودان منه متخذ بعيد عن تلك الدراسات. من الآخر كدا هذا السد فيه فوائد للسودان وفيه مضار وهناك مخاوف حقيقية منه ليس من بينها انهيار السد هذه واحدة، أما الثانية كان ينبغي أن يكون السودان الحلقة الأقوى في قضية السد، ولكنه الآن الحلقة الأضعف وبدل ان يلعب السودان بطرفيه هما الآن يتلاعبان به فهوان العباد من هوان البلاد وخليكم معنا إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.