لا أنكر أنني أبديتُ إعجابي بالصلابة وقدرات المناورة العالية التي ظهر بها الناظر ترك، وهو يسجل موقفاً رافضاً لمفاوضات جوبا التي تحدث فيها بعض الناس غير المفوضين عن مشكلات الشرق، مروراً بموقفه الصلب أيضاً من اختيار والي كسلا الذي لم يكن محل إجماع أهل الشرق، وما زلت معجباً بهذا الانتماء الجميل والأصيل للشرق، الذي يجعل الناظر ترك يقود الحراك ويحمل قضايا الشرق واحتياجاته ويطالب بحقوقه السياسية والاقتصادية والتنموية ويعرضها في كل المنابر الوطنية وهذا بالطبع دور كل وطني حادب على مصلحة البلد والولاية، وهو حصرياً دور تضطلع به الإدارة الأهلية من ضمن هموم أخرى ملقاة على عاتقها، وباعتباري من أبناء الشرق أعرف يقيناً أن السيد ترك لم يكن على وفاق مع بعض الولاة الذين تعاقبوا على ولاية كسلا، بالذات مع إبراهيم محمود ابان عمله والياً لكسلا وكل من له علاقة بتلك الولاية يعرف موقف الناظر ترك من خور ابو علقة الذي اختلف فيه مع الوالي وسارت بينهما جفوةً طالت، ورغم أن الإنقاذ قد دجنت كل الإدارة الأهلية في السودان لتعمل وفق رؤاها ومقاصدها إلا أن الناظر ترك له مواقف مشرفة في الدفاع عن أهله وولايته، ولعل هذا هو سر عشق الجماهير له على مستوى الشرق كله حتى من خارج حاضنته قبيلة الهدندوة، والشاهد والدليل مؤتمر هداليا الذي حضره جمع غفير من معظم مكونات الولاية.
كل هذا نعترف به ولا ننكره إلا أن اللوم (يأتي بالغفلات) وتقديرات البشر دائماً فيها القصور وغياب الرؤية الكاملة والشاملة لذلك فإن موقفه الأخير من التصعيد مع الحكومة لم ينل إعجابي وإعجاب الكثير من أهل السودان لما فيه من تحد للسلطة بقفل طريق قومي مرتبط بمصالح الناس اليومية وتقديم مطالب كحل لجنة التمكين وهو من صميم أهداف الثورة وهذا المطلب بالذات يعطي مؤشرات خطيرة بأن الناظر ربما مرتبط بأحد المحاور التي تبحث عن موطئ القدم في الأزمة السودانية المستفحلة، وهو موقف نربأ بأن يتخذه رجل في قامة الناظر ترك والمعول عليه وغيره من الوطنيين والحكماء في الإدارة الأهلية ومنظمات المجتمع المدني أن يتعاونوا في إيجاد الحلول للمشكلات وليس تأزيمها .
موقف الناظر تلك هذه المرة في تقديري هو خارج اجماع أهل السودان وهزيمة للثورة العظيمة أرجو صادقاً أن يعود السيد الناظر لرشده فعلى مثله من الشرفاء العشم أن نعبر بالسودان.
باا شقا تعني بلغة البجا تريث أو اصبر أو تمهل.
