إغلاق شريان الشمال يغضب مصر وتجار الداخل

الخرطوم: الطيب علي
كشفت مصادر دبلوماسية مصرية عن تسبب إغلاق طريق شريان الشمال في ردود فعل سلبية كبيرة داخل مصر في وقت أعلن فيه تجار ومستوردون عن تكبدهم خسائر تقدر بملايين الدولارات جراء الإغلاق، مشيرين إلى أن استمراره يؤدي إلى فقدان رؤوس أموالهم بالكامل، وعدم الإيفاء بالتزاماتهم إلى جانب التسبب في ارتفاع كثير من السلع بالبلاد.
وقالت مصادر دبلوماسية مصرية لـ(السوداني) إن إغلاق الطريق أسهم في حدوث ردود فعل سلبية جداً داخل مصر .
وأكد رئيس شعبة تجار القطاعي بأمدرمان، أحمد النو، لـ(السوداني) إن كثيراً من التجار والموردين لديهم التزامات مع مصانع وتجار في مصر، كما أن بعض المصانع تقوم بتصنيع السلع للسودان بحسب المواصفات المطلوبة، أي أن تلك السلع مخصصة للسودان، وأن إغلاق الطريق أعاق دخولها؛ مما انعكس على تضرر المصانع المصرية والتجار والموردين السودانيين بشكل كبير، مشدداً على ضرورة إعادة النظر وفتح البطريق وفصل التجارة عن السياسة، خاصة أن لدينا بضائع في مصر لا نستطيع إدخالها وبعضها تم تصنيعه وبعضها في طور التصنيع، كما أن هناك تجاراً مصريين وسودانيين تضرروا، وأن خسائرهم تقدر بملايين الدولارات، بعد أن توقفت الأنشطة بشكل كبير، منوهاً إلى أن مصر تمثل أهمية كبيرة جداً للسودان وللتجارة والاقتصاد، مؤكداً أن استمرار إغلاق الطريق سيؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في السودان، داعياً إلى أن تكون العلاقة مع مصر تتسم بالمرونة، وأن تكون التجارة بين البلدين مبنية على الثقة والأمانة، خاصة أن العلاقة معها أبدية، منوهاً إلى أنهم سيفقدون رؤوس أموالهم المستخدمة في التجارة مع مصر، وليست لدينا بديل غيرها، خاصة أن الكثير من المصانع في السودان متوقفة عن العمل، كما أن هناك ارتفاعاً كبيراً لمعدلات التضخم وزيادة في سعر الصرف، لافتاً إلى أن التجار يسددون رسوماً وضرائب لخزينة الدولة بإيرادات تقدر بأكثر من (40%) للخزينة العامة، وأن إيقاف الاستيراد والتصدير من مصر سينعكس على ذلك.
بدوره سخر نائب رئيس لجنة ثلاجات الفواكة بالسوق المركزي الخرطوم، جبريل الطاهر محمد، من التشكيك في سلامة البرتقال المستورد من مصر، نافياً ما يشاع عن استخدام مواد كيميائية في إنضاج الفواكه. وناشد الطاهر وزير الداخلية المكلف التدخل العاجل في حسم التفلتات داخل السوق، وقال جبريل: “إن البرتقال الذي يتم استيراده من مصر يتميز بالجودة العالية، واصفاً الحديث بريه بمياه الصرف الصحي بأنه لا يعدو سوى كلام فارغ، جازماً بأنهم زاروا كمستوردين مناطق زراعته بمصر وتأكدوا من جودته، مشيراً إلى أن القاهرة ترفد الدول الأوروبية بالبرتقال الجيد، كاشفاً عن أن الأسواق السودانية في الوقت الراهن خالية من البرتقال المصري، وأن الموسم المحدد لإنتاجه ودخوله السودان نهاية أبريل المقبل، منوهاً إلى أن البرتقال الموجود حالياً في الأسواق السودانية وارد من الشمالية، وأنه بمجرد فتح الموسم من القاهرة، فإن أسعاره ستتدنى وستصل قيمة المائة برتقالة لثلاث آلاف من الجنيهات، بدلاً عن ستة في الوقت الحالي، وأطلق الطاهر نداء استغاثة لوزير الداخلية لضبط التفلتات الأمنية داخل السوق، مستشهداً بوقوع حوادث قتل خلال الفترة السابقة لفظ على إثرها بعض منتسبي السوق من تجار البطيخ أنفاسهم فضلاً عن تكرار ما سماه جبريل بالقلع والخطف على يد متفلتين يستخدمون سواطيرمع انتشار واسع لتجارة الخمور البلدية داخل السوق التي تصنع عبر وافدين من دول مجاورة، مكتفياً بالقول: (أصبحنا نضع أيدينا فوق قلوبنا(
وأوضح المحلل الاقتصادي، د. عادل عبد العزيز، أن السودان يصدر لمصر القطن، السمسم، حب البطيخ، والكركدي واللحوم والماشية الحية وفحم المسكيت، وسلع أخرى أقل أهمية، ويستورد منها سماد اليوريا والمنسوجات والأحذية والأجهزة الكهربائية والحديد وسكر البنجر والأسمنت والسراميك وكوابل الكهرباء والبوهيات والفواكه والخضروات المجمدة والأسماك والدقيق وزيوت الطعام والمربات والحلويات والبسكويت، وتابع أن أغلب سلع الوارد والصادر ما بين السودان ومصر، وكذلك حركة البصات السفرية، تمر عبر المعابر والطرق الرابطة بين القطرين، ولكن يلاحظ كثافة عدد الشاحنات المصرية التي تنقل سلعاً للسودان، أو تمر عبر أراضيه ترانزيت للدول المجاورة، بينما يندر ملاحظة وجود شاحنة سودانية بالطرق المصرية فما هو السبب؟
يحكم حركة النقل بين القطرين بروتكولات معتمدة من الجانبين، تحدد الحمولات والمواصفات للشاحنات المسموح لها عبور الحدود، منوهاً إلى أن أحد المسؤولين السودانيين السابقين بمعبر أشكيت الحدودي، قال له: “إننا فشلنا في تهيئة المواقف البرية المتفق عليها في وادي حلفا لتنتهي رحلة البصات المصرية بوادي حلفا وتنقل البصات السودانية المسافرين إلى داخل الوطن”.
ويضيف المسؤول: “وكان مقرراً عقد اتفاقات توأمة بين شركات سودانية ونظيراتها المصرية بخصوص النقل العابر، لكن فشلت وزارة النقل السودانية عبر كل الوزراء المتعاقبين عليها في الإشراف وتنفيذ البروتوكولات، كما اعتمدتها سلطات الدولتين، حالياً بعض الشركات السودانية تدخل حتى القاهرة كشركة أبو عامر والدامر وغيرها، لكن كان يفترض أن يكون العدد أكثر من ذلك”.
ويسترسل المسؤول: “الشاحنات المصرية التي تجوب السودان هي وفق متطلبات الاتفاقيات مجهزة ومؤهلة وموديلات متطورة، لكن فشلت وزارة النقل السودانية في توفير الموازين (الطرناطة) للحصول على الغرامات الدولية المتعارف عليها نتيجة الأحمال الزائدة، حيث تصل حمولة الشاحنة الواحدة أحياناً لأكثر من مائة طن، والمسموح به لطرقنا القومية لا يتجاوز (٦٠) طناً فقط، فقد السودان ملايين الدولارات كان يمكن أن يجنيها من غرامات الشاحنات بمتوسط (٨٠) شاحنة يومياً تصل البلاد في (٢٠) دولار للطن الزائد الواحد”. ومن ناحية الشاحنات السودانية، يضيف المسؤول السابق أنها متهالكة وغير مطابقة لمتطلبات البروتوكول الموقع بين الدولتين، ويقول اتحاد أصحاب غرف النقل بالسودان إن الرحلة لمصر تكاليفها مرتفعة بسبب ارتفاع قيمة الإسبيرات والوقود وطول الرحلة، وقد فشلت هذه الشاحنات في كثير من الأحيان الوصول لنا بوادي حلفا حيث المسافة أكثر من (١٠٠٠) كيلو متر، ناهيك أن تصل القاهرة أو حتى أسوان على الحدود، مؤكداً أن وجود شاحنات مصرية بكثافة في الطرق السودانية، دون وجود مماثل في الطرق المصرية مرده عدم كفاءة الشاحنات السودانية، وأن تجول شاحنات مصرية بحمولات كبيرة، سببه عجز السلطات السودانية عن توفير الموازين (الطرناطة) في المعابر وبالتالي العجز عن توقيع الغرامات على الشاحنات المخالفة وتابع
ومع ذلك تبقى الحقيقة، وهي أن المنتجات المحلية السودانية تحتاج لنقل كفء ورخيص، وهذا متوفر في الشاحنات المصرية، فعلينا كسودانيين تشجيعها لا محاربتها. وحقيقة أخرى أن بلادنا ذات الموقع المتميز، الذي يتوسط دولاً مغلقة هي إثيوبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد، ينبغي أن تضع اقتصاديات النقل والتخزين والتجهيز في مقدمة أولوياتها الاقتصادية، هذا هو البرنامج الذي ندعو الشباب، خصوصاً في الولاية الشمالية لتبنيه.
وكانت وسائل إعلامية تداولت الأحد نقلاً عن مصادر أن مصر تتجه لإيقاف التصدير والاستيراد مع السودان.
وقالت المصادر بحسب وسائل الإعلام إن القرار يأتي لضمان عدم حدوث أي خلافات واحتكاكات مع الشقيقة السودان. وأشارت إلى أن الأيام الفائتة شهدت توترات على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وتحريض لتخريب العلاقات بين البلدين. وقالت المصادر إن العلاقة مع السودان لا تتوقف على استيراد وتصدير، وهي علاقات إستراتيجية نفضل أن نوقف الاستيراد والتصدير في الوقت الحالي، ويمكن أن يعود التبادل التجاري بيننا والسودان حال تتضح الحقائق، وتهدأ الأمور، وأن هذا متروك لتقديرات القيادة في البلدين الشقيقين، وحتى يجد السودانيون الوقت الكافي للحوار حول التبادل التجاري مع مصر ومدى فائدته أو ضرره لهم، وحتى تكون هناك محاسبية حول الصادرات السودانية، وشفافية في إعلان أرقامها، ومعرفة جميع الأطراف بها، ومن هم المصدرون الذين يصدرون وإلى أي البلدان، وعائد الصادر وضمان عودته كله للسودان.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.