مداعبة مع عجوز يتصابى..

على الورق…إبراهيم الصافي

شارك الخبر

 

ـ قال: ما على شيخٍ هرِمٍ إن (تشبَّب) و(شبَّبْ)؟

ـ قلت: إن (تشبَّبْتَ)؛ فإن الإحساس بالعودة إلى مرحلة الشباب؛ سيمنح جسمك صحة، ويملأ دواخلك بالطاقة والحيوية، ويُؤخِّر كسوة وجهك بالأخاديد، ويصون أعضاءك من (الهلهلة)، ويُؤجِّل تحوُّلك إلى (هكرة) تدبُّ على (متوازي)، أمَّا إن شبَّبْت وتغزَّلتَ حنيناً إلى أيامٍك الخوالي، فإنك تكذب على نفسك، فقد خمدت وشوشة القلب ورجفته، جفَّ نبع الوجدان، ووهنت العاطفة، ومات الإحساس، ولن تسعفك اللغة وقريحتك بتعبيرات غزلية رقيقة شفيفة رهيفة، ستفرُّ منك المفردات العذبة، وسيتحول الأمر عندك إلى صناعة التعابير، مجرد (تلتيق) وكأنك في (ورشة سمكرة)، أو (تشف من كراسة غزلياتك)، تشبيب الشيوخ لا يخرج عن كونه أمنية واهمة، تدحرجت عاطفة الحب عندهم إلى هوى، إلى رغبة تهوي بهم من التقديس إلى التدنيس، لا يمكن لشيخ انحنى ظهره، وعمشت عيناه، وداعب الصمم أذنيه أن يستعيد طاقة الشباب وفورته ولذته؟ دع ما تطلبه وحاول رفع (ثيرمومتر) إيمانياتك وروحانياتك استعداداً للآتي.

ـ قال: نتحدث فيما تشفُّ به الروح وتضطرم العاطفة، وتذكر لي الموت؟

ـ قلت: أرى فيك ملامح ردَّة هذه الأيام، وتُداوم على اجترار زهوة شبابك!

ـ تساءل: أما ترى أن مشاعر الشعب السوداني الآن آخذة في الانحسار ـ كما بحيرة طبرية ـ بفعل ساس يسوس؟ وهل ترك شظف العيش وقسوته مجالاً لارتعاشة قلب، أو لتداعيات وجدان؟

ـ قلت: أنت أديب وشاعر رقيق الحاشية، نديَّ الخاطرة، يمكنك أن تعجن السياسة بماء الأدب فتحيلها إلى بساتين، بدلاً من استعادة غزليات تناقض هرمك وشيخوختك.

ـ تأوه صديقي وقال: ما في التصابي على شيخ عجوز مثلي حرج يا رجل، وإن من باب التسلية والترويح، ثم فتح كراساته وترنَّم بأبيات لابن المعتز:

قيَّدني الحبُّ وخلاَّها

ولجَّ بي سُقمٌ وعافاها

كدتُ أقولُ البدرُ شِبهٌ لها

أجعلُها كالبدر..ِ حاشاها

ثم اهتز وهو يفتح صفحة أخرى تحوي قصائد للشاعر كشاجم، وقرأ بانكسار شاب قتله الحبُّ:

ورأيتُه في الطرس يكتبُ مرةً

غلطا.. يواصل مَحْوَه برُضابِه

فوددتُّ أني في يديه صحيفةً

ووددتُّه لا يهتدي لصوابه

ـ قلت: ردَّ الله لك وقارك ورزانتك، وأعانك على استعادة توازنك، ووفقك إلى التناول اللطيف في مجال الأدب السياسي.

 

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.