بعد استشهاد إبراهيم مجذوب فرص تطبيق العدالة.. هل يحاكم القاتل؟

الخرطوم: هبة علي

أثار مقتل متظاهر شرق النيل ردوداً واسعة، دعت بمجملها إلى وقف قتل المتظاهرين وتطبيق العدالة، حيث شدد نائب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، على هذا، وطالب بمحاكمة علنية للشرطي المتهم بقتل المتظاهر، أما منظمة أسر الشهداء فأخذت منحىً تصعيدياً حيال الأمر ذاته، وطالبت بإقالة وزير الداخلية، والنائب العام، مُمهلةً الحكومة ٧٢ ساعة..

 

اجتماع حميدتي

نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، وجه السبت الماضي، بحسم المجموعات المتلفتة والخارجين عن القانون في ولايات البلاد المُختلفة، كما أمر بإجراء محاكمة شفافة وعلنية لضابط الشرطة المتهم بقتل متظاهر بالرصاص.

واجتمع حميدتي مع ممثل النائب العام، محمد مصطفى، في حضور مدير الشرطة المكلف، نصر الدين عبد الرحيم، وبحث اللقاء، التطورات الأخيرة، المتعلقة بمقتل الشاب إبراهيم مجذوب، على يد أحد منسوبي الشرطة، والإجراءات التي اتخذتها الشرطة بشأن الحادث.

وقال مدير الشرطة المكلف، نصر الدين عبد الرحيم، في تصريحات أن حميدتي “وجه بضرورة أن تكون المحاكمة عادلة وشفافة ومعلنة” مؤكداً التزامهم بالسير في الإجراءات بموجب القانون.

وأوضح أنهم قدموا تنويراً حول تطورات الأحداث الأخيرة، مؤكداً أن الإجراءات تسير وفقاً للقانون، حيث تم رفع الحصانة عن منسوب الشرطة، وتسليمه للنيابة، لمباشرة مهامها القانونية إحقاقاً للحق والعدالة..

وفي اجتماع منفصل عقد حميدتي اجتماعاً مع اللجنة الفنية التابعة لمجلس الأمن والدفاع، برئاسة رئيس هيئة الأركان، محمد عثمان الحسين، بحضور أعضاء اللجنة من قادة الشرطة، وجهاز المُخابرات، والدعم السريع ناقش الموقف الأمني والجنائي في البلاد.

وقال تعميم أصدره مجلس السيادة إن حميدتي ”وجه القوات النظامية، باتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاه المتفلتين والخارجين عن القانون بما يحفظ أمن واستقرار البلاد وسلامة المواطنين.

مقتل المجذوب

وقبل حوالي الأسبوع قُتل الثائر إبراهيم المجذوب برصاص ملازم أول بالشرطة، وأصيب عشرات آخرون خلال تفريق احتجاجات في الخرطوم، نُظمت لإنهاء الحكم العسكري.

وأعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، في بيان لها وقتئذٍ، عن “ارتقاء روح شهيد خلال مشاركته في مواكب شرق النيل إثر إصابته بعيار ناري في الصدر أطلقته قوات السُّلطة الانقلابية”.

في الوقت الذي وثق به متظاهرون لحظة استهدافه المباشر بيد شرطي كان يطلق النار مباشرة على المتظاهرين من مسافة قريبة.

وجرى إسعاف مجذوب إلى مستشفى شرق النيل، لكنه فارق الحياة بعد وصوله إليها، بينما جرى نقل جثمانه إلى مشرحة مستشفى أم درمان.

وأثارت الحادثة ردود أفعال دولية غاضبة، فضلاً عن المحلية من القوى السياسية ومنظمات حقوقية.

وأعلنت النيابة العامة أن الشرطة رفعت الحصانة عن الضابط تمهيداً للتحقيق معه حول قتله للمتظاهر في منطقة شرق النيل.

مهلة للحكومة

من جانبها طالبت منظمة أسر ضحايا ثورة ديسمبر 2018، السُلطات الحاكمة بإقالة وزير الداخلية والنائب العام وحملتهم مسؤولية استهداف المتظاهرين السلميين.

وقال رئيس المنظمة، عباس فرح عباس، في مؤتمر صحفي “نحمل المسؤولية كاملة لقتل الثوار في الشوارع لوزير الداخلية والنائب العام، ويجب عزلهم فوراً من مواقعهم ومٌحاسبتهم، ونمنح السلطات الحاكمة الآن 72 ساعة فقط للاستجابة لطلبنا، وفي حال لم يتحقق لدينا من الآليات لنفعل ما نريد”.

وحث فرح الشعب السوداني على دعم جهود إنشاء مركز موحد للقوى الوطنية للعمل على إسقاط الانقلاب.

وأعلن رفضهم أي تأثيرات من قوى سياسية تُريد التدخل في عمل المنظمة، متهماً الحكومة الانتقالية التي انقلب عليها الجيش بتسويف قضايا الشهداء والتنكر لهم.

وتابع “لن نسمح لأي حكومة مقبلة بعدم تحقيق العدالة ولن نرضى تشجيع المجرمين على الإفلات من العقاب بسبب التسويف الذي تمارسه الحكومة تجاه ملفات الشهداء”.

واستنكر فرح بشدة منح القاضي، زهير بابكر، الذي ينظر في ملفات عديدة متعلقة بضحايا الاحتجاجات إجازة مفتوحة بعد أن رفض التأثير على قرار أصدره ينُادي بمُحاكمة مدير سجن “كوبر” لرفضه الالتزام بتوجيهات المحكمة فيما يتعلق بقضية المتهمين بقتل العميد بريمة.

ورأى بأن تدخلات السلطة القضائية وسحب القضاة الذين يتولون ملفات شارفت على الانتهاء يعيق تحقيق العدالة ويشجع على الإفلات من العقاب وإطالة أمد التقاضي.

مسؤولون عنها

الخبير القانوني، نبيل أديب، أشار في حديثه لـ”السوداني” إلى أن قتل المتظاهرين جريمة خطيرة لأنها تدخل ضمن جريمة القتل خارج القضاء، لافتاً إلى أنها تعتبر من أكبر الجرائم في الأنظمة الديموقراطية.

وأوضح أديب أن وقوع مثل هذه الجرائم من القوات النظامية تلقي مسؤولية على قيادتها، لافتاً إلى أن استقالة وزير الداخلية في أعقاب وقوع جريمة كهذه الجريمة بواسطة عضو من أعضاء أجهزة تنفيذ القانون يكون من الآثار المتوقعة لوقوع الجريمة في الأنظمة الديموقراطية؛ لجهة أنه مسؤول سياسياً عن هذا الفعل حتى ولو لم يكن مسؤولاً جنائياً عنه.

ولفت أديب أيضاً إلى أن وكلاء النيابة من حيث القانون مسؤولون عن حماية المتظاهرين والجمهور، وهم بالطبع يتبعون النائب العام مما يلقي عليه مسؤولية سياسية عندما تقع مثل هذه الجرائم الخطيرة، دون أن يفلح منسوبوه في منعها.

تشكيل الحكومة

ويرى المحلل السياسي، عثمان الفاتح، أن العدالة لا يمكن أن تطبق إلا في ظل نظام ديمقراطي، لافتاً إلى أن الوصول لتوقيع نهائي وتشكيل الحكومة يمثل فرصة لإعادة هيكلة الأجهزة العدلية والنظامية؛ الأمر الذي أكد أنه سينعكس على تطبيق العدالة بصورة مباشرة وتوقيف القتل والاعتداءات من الدولة على المتظاهرين.

وأشار الفاتح في حديثه لـ”السوداني” إلى أن الوضع سيتغير بالكامل لا سيما بعد عقد ورش العدالة والعدالة الانتقالية، منوهاً إلى أن العدالة تتأتى بالتدريج.

 

 

شارك الخبر

Comments are closed.