البيعة كاملة!

كتب: محمد أزهري 

شارك الخبر

لا تُوجد حربٌ في ولاية الجزيرة.. الغزاة ركنوا في قلب مدني دون مقاومة، وكأنهم سُياح.

ليست هناك حربٌ، بل هنا سرطان خبيث يحمل سلاحاً ويرتدي “كدمولاً”، ينتشر بسرعة مجنونة في جسد قرى الجزيرة ومدنها، يستولى على مصادر أكل عيش سكانها المسالمين.. لم تقف محن أهالي الجزيرة على بيع مشروعهم.. مشروعهم الذي بِيع مرتين، في تاريخه، بل تعدته إلى بيع المشروع وأهله لمليشيا تحوّلت إلى أكبر عصابة نهب مسلح في تاريخ أفريقيا.

 

دخلوا بيوت الفقراء في ود العشا وحليوة يهددون وينهبون، ثمّ اقتحموا ود النعيم وود الشافعي والكُمر، أرعبوا الأطفال والنساء، لم ينسوا شلعوها ودرويش وأم دوانة، تسلّلوا إلى الشايقاب ومهلة والطلحة حاج النور والفعج وفداسي والشبارقة، استباحوا البيلاوي وود الهندي، قتلوا ونهبوا في أربجي.. وكثير من قرى جنوب الحزيرة التي لم يسع المجال لحصرها.

 

جرائم قتل وانتهاكات وفظائع ارتكبوها ضد المدنيين العُزّل في قرى الجزيرة ولم يكٌ في إحداها حامية جيش أو خيمة دفاع شعبي أو فلول، لم يزُرها البرهان أو حتى البشير في حياتهما.. ومَن مِن الفلول المغضوب عليهم كان ينتظرهم في قرية يأكل سكانها من خشاش الأرض منذ بداية الحرب، ومَن منهم ترك أسرته في قرية تحتطب نساؤها (الويقود) لصُنع عصيدة بأي تركيبة تسمى (ملاح) يهنأ بها الكبار والصغار في رضاء وقبول تام مع الأمن.

 

رغم المآسي التي عاشها ويعيشها سكان الجزيرة، لكنها أعادت تماسك رجالها مرة أخرى وأزاحت الغطاء الكذوب عن الهدف الرئيسي للمليشيا وراء الحرب.. فكان النهب والسلب هو الهدف وليس البحث عن الفلول.. الفلول في مدن الثلج والضباب لا يُقيمون في بيوت حوائطها ممسوحة (بالزبالة)، كما رسمها هاشم صديق في قصيدته (جواب مسجل للبلد) يا بلد.. أسمعيني وهاك كل البيعة كاملة.. اسمي هاشم أمي آمنة أبويا ميت وكان خضرجي ومرة صاحب قهوة في ركن الوزارة.. بيتنا طين واقع مشرم ولما حال الطين يحنن نشقى شان نلقى (الزبالة).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.