نعي: صبراً آل دشي فإن موعدكم الجنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). 

قال تعالى: (وَلُنَبّلُـوَنَكِمٌ بّشِئ مٌنَ الٌُخـوَفَ وَالُجْوَْع وَنَقًصّ مٌنَ الُامٌوَالُ وَالُانَفَسِ وَالُثُمٌرَاتْ وَبّشِرَ الُصّابّرَيَنَ الُذَيَنَ إذا أصّابّتُْهمٌ مٌصّيَبّةِ قًالُوَ إنَا لُلُُه وَإنَا إلُيَةِ رَاجْْعوَنَ أوَلُئكِ ْعلُيَُهمٌ صّلُوَاتْ مٌنَ رَبُّهـمٌ وَاوَلُئكِ ُهـمٌ الُمٌُهتْدِوَنَ). صدق الله العظيم

 

استشهد السبت 13 يناير أخي وحبيبي وصديقي وغرة عين آل دشي (الهميم):

 الملازم أول/ عبد الله إسماعيل دشي

 

الابن الأكبر، مدافعاً، مقبلاً على العدو الغاشم المعتدي، بثبات الرجال الخلص، الصادقين الذين مضوا للشهادة بوعي وصبر، قارب العام من عمر الزمان ممسكون، مدافعون بالسلاح بهمم إيمانية راسخة وعقيدة قتالية لا تشوبها شائبة، التي نعلمها عن أخي الهميم ملبي نداء الجهاد والواجب الوطني في سبيل الله وسبيل الأرض والعرض والدين وفداء الوطن بروحه الطاهرة في معركة الكرامة ضابطاً في صفوف القوات المسلحة.

 

ومثل عبد الله إسماعيل دشي، سليل الأماجد الكرام أبناء الكرام الرجال الصادقين المؤمنين الموحدين الله عز وجل، وإن البكاء على الفوارس عار.. فارس مغوار كيف لا وهو تربى في كنف الأب الشيخ الجليل عبد الله دشي، فنال فضائل الأعمال ومكارم الأخلاق بالفطرة السليمة وبالتنشئة الاجتماعية.

الشهم منذ أن خبرناه في الحياة الدنيا بيننا، عاش حياة عصامية، صادقاً منذ عهد الصبا، قائماً بمسؤولياته الأسرية رغم حداثة السن وقتها، في سن مبكرة انخرط في السلك العسكري لأكثر من عقد من الزمان برضاء واختيار واعٍ وبانتماء قوي للمؤسسة العسكرية السودانية.

قبل سنوات، لبى منادي الجهاد في اليمن من ضمن صفوف القوات المسلحة السودانية واستجاب لتعليمات القيادة بانصياع وما هاب الردى، ولم يشغله حب الحياة وملهياتها عن اللحق بالركب الميمون.

 

صبراً أسرتنا آل دشي فإن موعدنا الجنة مع عبد الله وصحبه من زمرة الشهداء والصالحين بإذن الله تعالى

الشهيد أخي عبد. الله إسماعيل في سفر الشهداء الخالدين.

لا نبكيك دموعاً بقدر الوجع والفقد والفجيعة والألم، ولكن ستظل روحك الطاهرة باقية فينا أجمعين والدعاء المستمر لن ينقطع الذي لا يحول بيننا وبينك إلى الموت يا حبيبي.

الشهادة في قاموسنا ليست حادثاً دامياً منغصاً كما هي عند بعض الأمم في تاريخها، مجرد تضيحة يقدم عليها أحد الأبطال، إذ يُقتل بيد عدوه في ساحة القتال فيكون موته مبعث ألم ويكون اسمه “شهيداً” وموته “شهادة”!

لا الشهادة في معارفنا ليست موتاً يفرضه العدو على (المجاهد)، بل الشهادة اختيار واع يُقدم عليه المجاهد بكل طواعية ووعي وإدراك ويختاره بدافع ذاتي بعيد (شريعتي).

 

فقدنا رمزاً للحق المبين والصدق في المعاملات الحياتية والتعبير عن المشاعر بصدق، والنبل البشري النادر والعمل والكفاح لستر الحال وإكرام الضيف والأخلاق الطيبة السمحة التي شهد لك بها أهل الأرض، فأنت أفضل من يعدل العوجة، ويجبر الخاطر المكسور، ويغيث الملهوف، ويكسي العدمان، ويقدم الخدمة الإنسانية لا مِنّة ولا رياء يا حبيبي وغرة عين آل دشي.

كان صاحب همة عالية، فهو (الهميم) فاكهة مجالسنا وأنسنا وأفراحنا، وحتى أحزاننا كان هو الأخ الأكبر الحكيم بيننا. صلة الرحم كانت عند عبد الله أخوي فريضة مقدسة لا يقصر فيه ليل نهار، نشهد الله أنه كان واصلاً لأولي الأرحام جميعهم، كان رمزاً للواجب والأصول والكرم والمعاني الإنسانية الجميلة.

ناجد الضعيف، كان نسمة ذا روح طيبة مرحة نحبها، تحب الخير وتسعى للخير وتقوم به، كان رجلاً يصدق بالحق ولا يخاف فيه لومة لائم ولا يكترث لسفاسف الدنيا وملهياتها، كان يعرف دوره في الحياة وواجب المسؤولية وحمل الأمانة وأدى الرسالة وتركنا مفجوعي القلوب حزنى على فقده وفراقه لبيت دشي الكبير، اللهم أبدله أهلاً خيراً من أهله.

لقد كان فينا الناصح الأمين في أمورنا وحياتنا، سيد الشورة، وصاحب الرأي، كان ذا عقل متزن وصاحب وعي ومرشد لنا وحكمة بالغة في الأمور الدنيوية برصانة الرأي والفعل، يخاف الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر،

كان يحب القرآن، يقوم بالفرائض الدينية لا يتكاسل ويتهاون بها منذ أن جمعتنا الحياة الدنيا، كان أشد التزاماً بيننا، معظماً لشعائر الله.

عبد الله إسماعيل دشي كان اجتماعياً من طراز فريد، يحبه جميع من عرفه لمروءته وخدمته للناس في الأفراح والأتراح، يواسي من أصيب في عزيز لديه ويعزي ويهنئ في ملمات الأفراح، فهو سيد للواجب الاجتماعي في الغابة والخرطوم وكل الملمات التي تجمع الأسرة والأصدقاء وأهل الغابة والولاية الشمالية عموم.

كان الشهيد محبوباً بين دفعته وزملائه في السلك العسكري، فكنت أزوره بإستمرار في السكن الخاص بالضباط بمباني القصر الجمهوري.

عبد الله كان الأميز بين أبناء البيت الكبير والأطيب والأنقى، وغيث أينما وقع نفع، فنال الشهادة باصطفاء الله له.

عزاؤه كان شاهداً على محبة الناس له، أعداد المعزين والمواسين كان أكبر دليل وشاهد على الطيبة والمحبة،

فالغابة كلها تعرف عبد الله إسماعيل دشي بمروءته وصدقه وإخلاصه وأدبه، المقابر تشهد له والمناسبات والفزع والملمات وكل ما يجمع الناس على الخير والمساعدة كان حاضراً أول الناس فيها بضراعه وماله ورأيه السديد.

 

كان الموت بشاور أصلو ما بنديك

لكن العمر عند الولالو شريك

خيراً سيتو في الدنيا العبوس

راجيك يا الهميم أخوي المجالات كلها بتبكيك

عبد الله إسماعيل خلّد سيرة بيضاء ناصعة من الصدق والإخلاص والكرم والشهامة والرجولة والكرم لا مثيل لها،

خالد في قلوبنا وقلوب محبيك وعارفي فضلك يا ركن القبيلة وفخرها الهميم المحبوب فقدنا المُر.

 

أبلغ سلامنا إلى من مضوا في رحاب الله من الأسرة جميعهم أيها الشهيد المكافح المناضل، كنت فينا زعيماً وسيد رأي ومشورة وحكمة، لطيفاً ذا وجه صبوح وبشوش كعادتك أيها الإنسان الطيب الصادق.

 

نسأل الله تعالى أن يميتنا شهداء على الحق، مُدافعين مقبلين لا مدبرين ونلحق بك في جنات النعيم بإذن الله تعالى.

أبلغ السلام للشهداء الأبرار ولخالنا الشهيد علي الشيخ الأسيد في جنات النعيم وصحبه من الشهداء الكرام.

 

والديك وأعمامك وعماتك يا الهميم أصيبوا فيك، وإخوانك قلوبهم تتقطع ويذرفون الدمع السخين وسنصدقك وأنت باق فينا إلى يوم يبعثون، ربنا يجبر كسرنا وفقدنا الجلل ومصابنا العظيم وفقدك وفراقك المر.

أبناؤك يا أخي في حفظ الله ورعايته وإنا على العهد باقون معك ومع أبنائك، ونسأل أن يجمعنا بك في الفردوس الأعلى يا حبيبي.

إخوانك محزونون لفراقك يا عبد الله (حذيفة / معاذ / محمد إسماعيل/ محمد أيوب / محمد ياسر/ معاذ جعفر / محمد جعفر/ عبد الله جعفر/ مهند محمد / مهند صالح/ احمد ياسر / عثمان ياسر / عبد الرحمن بشرى/ علي أيوب/ عبد الرحمن جعفر/ عبد الله محمد/ عبد الرحمن محمد والأخوات جميعهم)،. والأصدقاء والجيران والأقارب والزملاء جميعهم يفتقدون وجهك البسام الصبوح.

فربأ بدمعكَ لا تحزن على سفرٍ

قد حطَ في جنباتِ العدنِ مرساهُ

فالدمعُ ليسَ على الأبطالِ نسبلهُ

ولا على من سرتْ للمجدِ رجالهُ

ولا على من علتْ في الزحفِ صيحتهُ

وخطَ بالسيفِ وسطَ الحربِ مثواه

الدمعُ أحرى بمنْ تغريهُ لذتهُ

ويلعقُ الذلَ لهفاً خلفَ دنياهُ.

 

لم أجد شخصاً كان موضع إجماع الناس، كما كنت مُوفّقاً ومصالحاً وجابراً للخواطر ومسعداً لمن حولك.

كل منا يظن أنّه الأقرب إليك مَودّةً ومحَبّةً وصحبةً، باهتمامك وقربك منا جميعاً.

 

إنكسر المِرِق واتشتت الرصاص

انهدم الجبل وينو البلم الناس

 

غابة الملوك الليلة وينو حفيدك

عبد الله إسماعيل البريد الضيف قدر ما بريدك

في كوم الرماد الليلة غطسي إيدك

أمسحي جبهتك وبي الفروة أربطي جيدك

 

والله عجزت عن رثائك كما ينبغي يا أخي عبد الله، غُصّةٌ في الحلق، وجع القلب والذكريات والفراق، شتّت أفكارنا وقلوبنا وأرواحنا يا عزيز قومك.

 

ما اتكفنت براك رقدن معاني معاكا يا تاج الفضل في الجنة تلقى جزاكا.

 

ولن تموت السيرة الطيبة وسيبقى الأثر وسيبقى الشهيد خالداً في نفوسنا

ما مات من زَرَعَ الفضائلَ في الورى بل عـاش عُـمــراً ثانيـاً تحت الثرى

فــ الـذِكّـرُ يُحيي مِيّـتـاً ولَـرُبّمـــا مـات الــذي مـازال يسمعُ أو يرى

 

سائلين الله تعالى أن يتقبله شهيداً في عليين ويدخله فسيح الجنات مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاَ.

اللهم الرحمات المتتابعات إلى يوم الدين، اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله.

 

باسم الأسرة عموم آل دشي، نشكر كل من وصل معزياً في شهيدنا عبد الله إسماعيل، ومن هاتف بالاتصال من داخل وخارج السودان، ومن منعتهم الظروف للمواساة والعزاء، عظّم الله أجركم، وبارك الله فيكم، وحفظ أهلكم أجمعين، وجزاكم الله عنا كل الخير والإحسان.

 

بارك الله فيكم أهل بسلان جميعاً لحضوركم ومواساتكم لنا في الفقيد الشهيد، بارك الله في أهلنا بالغابة عموم جميعاً.

 

الشكر لقياة اللواء 73 مشاة الدبة للتعزية.

والشكر عموم لأسرة محكمة الدبة والغابة والقولد وقسم شرطة الغابة، وكل من حضر سرادق العزاء.

 

الصحفي/ علي تركماني 

* الولاية الشمالية الغابة غرب دنقلا العجوز 

نيابةً عن أسرتنا آل دشي عموم

شارك الخبر

Comments are closed.