هذا بيت الجاك.. الرسالة (5)

بروفيسور/ أحمد حسن الجاك

في هذه الرسالة إن شاء الله سأحول الرد على أحد أفراد الأسرة (جيل الأحفاد)، سألني عن التنشئة الأسرية التي أورثتني أفكاري وسلوكي (تحمُّل المسؤولية واحترام الزمن).

أحسب أنّ ما سأذكره هنا ما هو إلّا تمثيلٌ مُصَغّرٌ لحال أسرة أصلها في شمال وربما وسط السودان، تلتقي في انتمائها المذهب الديني والصوفي وامتهان الجندية والزراعة. أقول _قطعاً دون التعميم_ إنّ هذا هو نمط الحياة الذي كان سائداً في تلك المساحة الجغرافية في تلك الفترة التي نشأت فيها. أبوي كان مثالاً لذلك النمط الحياتي، وعمل على تنشئتنا مثله طوال فترة طفولتنا (المراحل الدراسة الأولية والوسطى)، تنشئة قائمة على قول مكتوب على كل كتبه وسجلاته الخليفة حسن محمد الجاك:
1. المالكي: مذهباً
2. الختمي: طريقة
3. الشايقي: قبيلة

هذه هي “الوثيقة الدستورية” التي ارتضاها أبوي هادية ومرشدة وملزمة له ولأسرته قولاً وعملاً وسلوكاً والتزاماً. هكذا شب أفراد الأسرة (حتى ونحن طلاب بالجامعة كان بعض أبناء مدينة كسلا ينادون علينا أنا وإخوتي “أولاد الخليفة”).. هذه التسمية ما جاءت من فراغ كلا، فالطريقة الختمية كان لها “تنظيم شبابي” له كل مقومات المجموعات المنظمة ذات الأفكار والأهداف والزي المميز والأناشيد والاستعراض والاحتفالات… إلخ) وكنت فيه. أما عن المذهب المالكي، فقد أخذت نصيباً من التعليم الديني في خلاوي مدينة بارا بالقرب من مدينة الأبيض، وسنكات بالقرب من بورتسودان.

أمّا عن القبيلة، فما زالت اعتز وأفتخر بهم ولا أعينها على باطل.

*اعترافاً وإيماناً بأن الكمال لله وحده، يمكنني القول بأن الالتزام الصارم بأفكار وسلوكيات المرتكزات الثلاثة كانت دون شك على حساب الرغبات والقدرات الشخصية، فليس هناك براح أو مرونة تحكي، فأنت مع الأسرة/الطريقة وشيخها والمجتمع الصغير والكبير حسبما قالوا قلت، وحيثما ساروا سرت دونما حرية تذكر (أقول إنّ أحد إخوتي التزم شعاراً وحباً لكيان صوفي – سياسي مختلف فكان كأنما أصبح منبوذاً بالنسبة لأبوي)، هكذا كان الحال ونحن في تلك السن والمراحل الدراسية ما تمليه المرتكزات الثلاثة صار ويصير. مصطلحات مثل “حرية الفرد” و”حقوق الإنسان” غير أنها لم تكن شيئاً مذكوراً، فإنك تعلم يقيناً أنّ سُمعة العائلية والسلوك العام هما المعياران اللذان يحددان نمطية حركتك وسلوكك.

ألخِّص القول بأني بسبب هذه الوثيقة ومرتكزاتها الثلاثة! – أحسب – أنّي قمت شخصاً قريباً من ربه مرشداً، حسناً لأسرته، نافعاً لوطنه إن شاء الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.