همسة تربوية د. عبد الله إبراهيم علي أحمد


الدافعية تحدٍ يُواجه الطلاب

شارك الخبر

يحتاج كل إنسان إلى شيءٍ يُحرِّكه اتجاه ما يريد أن يفعله لكي يُحقِّق أهدافه، ومن أكثر الأمور التي تُساعد الإنسان على تحقيق أهدافه هو وجود ما يُسمّى بالدافعية، ولها تعريفاتٌ عديدةٌ منها: إنّها مجموعة من الظروف الداخلية والخارجية التي تعمل على تحريك الفرد من أجل الوصول إلى حالة التّوازُن وتحقيق الأهداف التي ترضي حاجاته ورغباته الداخلية، أيضاً الدافعية هي قوة داخلية لدى الفرد تقوم بتحريك السلوك وتوجيهه.. ويُعرِّفها فؤاد حَطب حسب وجهة نظره الشخصية، بأنّها إمكانية الفرد من تحقيق أمر صعب، والقدرة على تَنظيمها وأدائها بشكلٍ سريعٍ ومُستقلٍ، والتّغلُّب على الصُّعوبات كَافّة التي تُواجهه والتّفوُّق على الذات وعلى الآخرين والتّغلُّب عليهم، ومَحَبّة الفَرد لنفسه ومَقدرته على التّحمُّل والمُثَابَـرة.
أمّا التّربوي إبراهيم زكي فَعرّفها على أنّها مَدَى استعداد الشّخص ومُثابرته للوصول إلى النجاح، ويكون التّحدي أكبر في حال كان مُستوى قُدرات الفرد أقل من مُستوى المواقف التي تحتاج إلى أداءٍ مُمتازٍ.
أمّا التربوية صفاء الأعسر، فعرّفتها على أنّها الرغبة التي تدفع الشخص للنجاح وتحقيق مُستوى تربوي مُعيّن، أو كَسب التقبُّل الاجتماعي من الأهل والمُدرِّسين، مما يدفعه لتحقيق أكبر مَدَى مُمكن من الأداء.
هذا يقودنا إلى دافعية التّعلُّم حيث إنّها مجموعة المشاعر التي تدفع المُتعلِّم إلى الانخراط في نشاطات التّعلُّم، وهي ضرورة أساسية لحُدُوث التّعلُّم، وبدونها لا يحدث تعلم فعّال. وبما أنّ الدافعية مشكلة من المشاكل التي تواجه عملية التعلم ليس في الدول العربية فحسب، بل في مُعظم دول العالم، إلا أنّه لأمرٍ ضروري من وقوفنا عليها وإيجاد الحُلول المُناسبة لها ولو شيئاً فشيئاً، فقد يكون الطلاب غير مُبالين بالدراسة، فيظهر عَدم اهتمامهم وقِلّة دَافعيتهم في عملية التّعليم والتّعلم، وقد يكون المنهج الدراسي نفسه غير جاذبٍ، مع غِيَاب المُحفِّزات وضعف التّواصُل بين البيت والمدرسة، والشُّعور بالملل من أساليب التعليم الموجودة، وهناك أسبابٌ كثيرةٌ منها أسباب تعود للتلميذ نفسه، وأسباب تتعلّق بالأسرة، وأسباب تتعلّق بالمُجتمع المدرسي، فالبيئة المدرسية نفسها قد تكون غير جاذبةٍ، فمن مَصادر دافعية التعلُّم، خارجية ترجع للمُعلِّم والإدارة وأولياء الأمور، وداخلية كالرغبة الداخلية للمُتعلِّم نفسه، وعوامل السُّلوك والمَلل وعدم المُشاركة في الأنشطة الصفية والمدرسية، كلها تعمل على انخفاض دافعية المُتعلِّم، بما في ذلك مُمارسات المُعلِّم مثل إغفاله عن تحديد أنواع التّعزيزات التي يستجيب لها الطلاب، حتى يتسنّى تعديل هذه المُمارسة لتغذية المُتعلِّم، وعدم كشف المُعلِّم عن استعدادات الطلبة للتّعلُّم في كل خُبرةٍ يقدِّمها لهم، وإهمال نشاط الطلبة وحيويتهم وفاعليتهم، كما لسلبية المُعلِّم دَورٌ في الدافعية وغياب التفاعُل بشكلٍ عامٍ، وأحياناً يهتم المُعلِّم بأسلوب تعلم واحد، ويهمل أساليب التعلم الأخرى، أيضاً بعض الأحيان يركز المُعلِّم على الدرجات بدلاً من الأفكار واستفادة الطلاب، كما للسيطرة المزاجية على تصرُّفات بعض المُعلِّمين مع الطلبة أثرٌ، وقلة الوسائل التعليمية التي تثير الحيوية والنشاط. 
إذن، علينا باتّخاذ الحُلول المُناسبة وأولها المُعلِّم الوسيط التربوي الذي يتفاعل مع الطُلاب مُباشرةً، والبَحث عن حاجات الطُلاب وتحفيزهم بالحَوافز المَاديّة والمَعنويّة، وربط التعلم بالعمل، إذ أنّ ذلك يُثير دافعية المُتعلِّم، ويُحفِّزه على التّعلُّم، ما دام أنّه يُشارك يدوياً بالنشاطات التي تؤدي إلى التّعلُّم، أضف إلى ذلك أنّ المُتعلِّم يحب المادة الدراسية وتزداد دافعيته لتعلمها إذا أحبّ مُعلِّمها، وهنا تحضرني عبارة (أعطني مسرحاً أعطيك أمة)، فالصف الدراسي هو مسرح العَمليّة التّعليميّة، وقيثارته المُعلِّم، إذن لننتظر أمماً وطلاباً تزيّنهم الدافعية من مُربي الأجيال.
أخيراً.. يجب إقامة الدورات في التّطوير المهني للمُعلِّمين من أجل رفع المُستوى الأكاديمي، وهناك المُمارسات الصّفية، مَا إذا كَانت جَاذبةً أو مُنفرةً، والتّبايُن بين أعمار الطلاب وبين مُستوياتهم التحصيلية، أيضاً من حلول مشاكل الدافعية، تصنيف الطلاب على حسب المُستوى التّحصيلي مع منحهم قدراً من الحُرية المُوجّهة، ويُمكن جذبهم بالرحلات المدرسية، وتوفير الوسائل التّعليميّة والتّقنيات، وخُرُوجهم لأداء حصةٍ دراسيةٍ خارج نطاق الصف الدراسي على حسب نوع الدَّرس، ما إذا كانت حصة علمية تتعلّق بالمَعامل والمُختبرات، أو حصة اجتماعيّة تتعلّق بالبيئة، وبذلك يُمكننا كسر حاجز الروتين اليَومي بتطبيق (العلم العملي الميداني)، وقد تنطبع أحداث هذا النوع من الحِصص الدِّراسيّة في الذاكرة بشكلٍ أبدي، والأهم من ذلك كله هو شخصية المُعلِّم ومعنوياته

شارك الخبر

Comments are closed.