استفهامات أحمد المصطفى إبراهيم

إلى الأمَـــام؟

شارك الخبر

ليست كل المعركة بين اليسار واليمين، ولا بين الرجعية والتّقدُّمية. هناك معركة أكبر من كل ثنائيات المشهد السِّياسي البائس المليء بالمكر والكيد. سأتجاوز مَخاوف أطراف النِّزاع الأيديولوجية اليمين واليسار وكل منهما هزيمة الآخر عنده أولوية. الآن لا يتحدثان عن انتصارٍ ولكن عن انتقامٍ وتصفياتٍ إذا مَا صَار هذا شُغل اليسار الذي يُدير المَلعب الآن ليُصفِّي خُصُومه ستكون النتيجة ألا يجدوا مَلعبَاً يلعبُوا عَليه.
كما قال انشتاين إنه لا يعرف أسلحة الحرب العالمية الثالثة، ولكنه يعلم أنّ أسلحة الحرب العالمية الرابعة العصي والحجارة. فإذا ما حاول اليسار أن يُصفِّي اليمين أو الإسلاميين تحديداً، فلن يجد سُوداناً يُتصارع عليه.
سأمضي بعد هذه المُقدِّمة إلى موضوعٍ عملي وهو تأخُّر هذه البلاد في كثيرٍ من مناحي الحياة دائماً يكون بفعل فاعلٍ، قدّم مصلحته الخَاصّة على مصلحة الوطن. كثيرٌ منكم يعلم أنّ دفع الضرائب في الغرب فرض عين والتهرُّب من دفع الضرائب عار يمنع عن صاحبه كثيراً من الفُرص لا سيما السِّياسيَّة، فإذا ما ثبت تهرُّب مُرشّح عن دفع الضريبة كان ذلك كافياً لخروجه من المُنافسة بالضربة القاضية.
وضرائب الغرب يدفعونها بطيب خاطرٍ لأنّها تَعُود عليهم خدمات تعليم مَجّاني وصحة مجّانية ورعاية اجتماعية وهكذا.
الضرائب في السُّودان يدفعها الفقراء ويَستمتع بها الأغنياء والسِّياسيُّون وأحزاب الفكّة وكل عاطلٍ سياسي يُريد الاستمتاع بها. الأغنياء لا يَدفعون ضرائب، والمُستثمرون يُعفون منها، والمُنظّمات تُعفى منها، وشركات الحكومة تتهرّب منها، ونافذو المؤتمر الوطني وبعض القوات النظامية. أما صاحب دكان الحي والباعة الجائلون وأصحاب الحِرَف الصغيرة هُم من يدفعون الضرائب!
شكا المركز القومي للمعلومات مُرّ الشّكوى من أعداء التّطوير، فالمَركز له بَاعٌ طَويلٌ في تقنية المَعلومات وتَطبيقات خدمات بالمئات، وكلّما أراد أن يُطبِّق واحدة، اعترض عليه صاحب مََصلحة وأوقف التّطوُّر، وأكاد أجزم أنّ ديوان الضرائب له سيستم ضرائب بالتّعاون مع المركز القومي للمَعلومات ومسجل الشركات، بحيث يدفع كل من عليه ضريبة في هذا السيستم ومن يتهرّب يصبح معروفاً باللون الأحمر. كما في كثيرٍ من دُول العالم.
إذا مَا بَدَأت حكومة الفترة الانتقالية تَعاوناً تَامّاً مع المركز القومي للمَعلومات واستجلبت من النظم ما يجعل كُلّ الخدمات تقدّم بشفافية وليس هناك مُستفيد إلا المُواطن، تكون قد حَقّقَت أكبر إنجاز. حيث لا فلس إلا هو داخل وزارة المالية، لا تجنيب، لا تهريب، لا تحانيس. ولاية تامة على المال العام ويدفع كل من عليه ويُطالب بما له، وليس ذلك أمراً عسيراً، فلتكن البداية حوسبة كل مناحي الدولة وتكون البداية من الضرائب.
وربط كل الخدمات أون لاين حَتّى يَقوم المُواطن بكل ما لديه من منزله، كم سَيُوفِّر من الوَقت، وكم سيكون لذلك أثره على المُواصَلات العَامّة وتوفير الوقود والنقود.
على حكومة الفترة الانتقالية أن تحصر ما منع الحكومة الإلكترونية وتزيله كما أزيلت المَتاريس. بعدها ساس يسوس ستصبح طَاردة إلا للمَرضى بداء السِّياسة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.