قصة أغنيةحبايبي الحلوين أهلا جوني

الخرطوم: سعيد عباس

شاعرنا الكبير محمود فلاح وصاحب دُرر الغناء الشعبي هو صاحب كلمات تلك الأغنية حبايبي الحلوين أهلاً أجوني وأنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني، والقصيدة تلك تُسمى عند شعراء غرب السودان (قطع أخدر) وهو من أصعب أنواع الشعر على الإطلاق، ولا يستطيع أن يكتبه إلا شاعر متفرد ومتميز لأبعد الحدود، يعتمد على الثقافة الأدبية والشعرية العالية والخيال الخصب وقوة الإحساس وسُرعة البديهة، لأنّه شعرٌ يكتب في اللحظة، وتلك القصيدة التي تتجاوز أبياتها الثلاثين بيتاً، كتبها العملاق محمود فلاح في دقائق معدودة، وغنّاها الكروان عبد الوهاب الصادق بصورةٍ جميلةٍ ومُعبِّرةٍ للغاية، ومُناسبة القصيدة هو أنّ شاعرنا كان مريضاً بالمشفى، وكانت إحدى بنات أسرته طالبة بالمرحلة الأولية، فجاءته زيارة بالمشفى وفي معيتها صويحباتها الصغيرات الجميلات، ولما كان فلاح رجلاً خفيف الدم والظل، جميل المُؤانسة، تسامر الصبية معه لوقتٍ طويلٍ وهو على فراش المستشفى، ووعدوه بأن يزوره في المنزل إذا ما تمّ شفاؤه وتخريجه، وبالفعل خرج من المشفى واحتفل الجميع بشفائه، وأعدُّوا حفلاً كبيراً من عمالقة فناني ذلك الزمن الجميل، وكم كانت المُفاجأة عندما دخلت الصبيات الحفل وسط دهشة الجميع وهن يهنئن شاعرنا بسلامته وشفائه، وقام على طوله فكتب في نفس اللحظة ونفس الحفلة (حبايبي الحلوين أهلاً جوني وأنا ما قايل حلوين زي ديل بزوروني).. ويسترسل فلاح في بلاغته الخاصة عندما قدمن له الأزهار هديةً فقال: (جوني زاروني شايلين أزهار – شايلين الليل قلبوهو نهار وأنا ما قايل).. ويبدع في وصفه عندما دخلن عليه ويقول (بدور في بدور ماشين بالدور- أشكال وألوان زي ما تدور)، وممّا يُؤكِّد أنهن جئن بعد دوام الدراسة هو قوله (بعد الدروس جن ذاكرن وللحفلة فجأةً إتذكّرن).
ألا رحم الله فلاح وجعل مثواه الجنة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.