آباء وأمّهات في مُواجهة أسئلة الأطفال (الملغومة)

تقرير: كوكتيل

سألها طفلها ذات مرة: (أمي نحنا جينا الدنيا كيف)..؟ حاولت الرد عليه بدبلوماسية، فقالت: (أدوني ليكم في المستشفى)، فباغتها مرّةً أخرى: (كيف يعني..؟ إنتِ دخلتي المستشفى ونحن جينا بعد كده)..؟ صمتت قليلاً ثُمّ أجابت إجابةً أُخرى – أودت بحياة طفلتها – حَيث كَانت إجابتها بداية الشّـرارة لذلك الحَريق الذي قَضَى على كيان أُسرتها، وذلك بعد أن رَدّت قَائلةً: (والله الدكتور فتح بطني وطلّعكم منها).. حينها لم يتردّد ذلك الطفل في خوض هذه التجربة مع شقيقته التي كَانت في السّادسة من عُمرها، حيث قام بفتح بطنها للتّأكُّد من تلك المَعلومة، الأمر الذي أودي بحياة شقيقته وأدخل الأم في حالةٍ نفسيةٍ سيئةٍ للغاية، ليقضي (سُؤالٌ) على استقرار عائلة بأكملها، بينما يُؤكِّد آخرون أنّ (إجابات) الأطفال أيضاً ربما لا تقِـل خُطُورةً عن أسئلتهم.!
(1)
القصة أعلاه تمثل دليلاً واضحاً على خُطُورة بعض أسئلة الأطفال، الأمر الذي يُؤرِّق الكثير من الأمّهات والآبَـاء خُصُوصاً فيما يتعلّق بإيجاد إجابات مُقنعة عليها تُناسب سنّهم، وحول الموضوع تقول الأستاذة مها عوض: طفلي يبلغ من العُمر تسعة أعوام وشقيقه الأكبر يدرس بكلية الهندسة، وذات يوم طرحت عليه سؤالاً مفاده: (يا حمودي إنت أكيد حتدرس هندسة زي أخوك بعد تكبر)..؟ فأجابني بسُـرعة: (والله ما بقدر على العفش الكتير البشيلوهو دا)، قبل أن يُوجِّه لي سؤالاً مُباغتاً: (إنتِ يا ماما.. الواحد عشان يقرأ الجامعة لازم يشيل معاهو عفش)..؟ وتختتم مها: (تفاجأت كثيراً بسؤاله ذاك.. وظللت أضحك لوقتٍ طويلٍ وبعدها حاولت تغيير وجهة نظره حول الموضوع ونجحت في ذلك).
(2)
أما – ربة المنزل – سمية التوم فتقول لـ(كوكتيل) حول الموضوع: (طفلي يبلغ من العمر خمسة أعوام بدأت في غرس بعض الثقافات فيه وعلّمته ثقافة الاعتذار فأصبح يُردِّد كلمة (أنا آسف) كثيراً عندما يُخطئ، وذات مرة أخطأت أنا أمامه، ففاجأني وهو يطلب مني الاعتذار له، وظل يبكي وهو يُردِّد: (ماما قولي أنا آسفة)، وبعد أن اعتذرت له سألته لماذا كنت تبكي..؟ فقال: (عشان آخد حقي مِنّك)، وصمت قليلاً ثم أضاف: (إنتِ مُش العلمتيني كدا)..؟
(3)
أمّا الطالبة بكلية التمريض جامعة الخرطوم فَريدة عادل فتقول لـ(كوكتيل): (أنا أكبر إخوتي سِنّاً، حيث لا يستطيع أحدٌ منهم أن يَغضبني أو يُسيئ التّصَرُّف أمَامِي، فجميعهم يتعاملون مَعي بحَذرٍ شَديدٍ إلا تلك الصغيرة مهاد فهي خارج السيطرة لكونها “آخر العنقود زي ما بقولوا”) وتواصل: (تفاجأت من ردها الغريب ذات يوم عندما أردت إيقاظها من النوم مُبكِّراً حيث تنوم – كعادتها على الأرض – فقلت لها: “قومي يا بت من الأرض الأرضة التّاكلك”، فجذبت الغطاء من وجهها ولم تكلِّف نفسها عناء النهوض والرد وردّت عليّ قائلة: في أرضة بتأكل ليها زول..؟ دي قرايتك القروك ليها)..؟ وتختتم فريدة: (عندها أصابتني الدهشة فكيف لطفلةٍ في السَّابعة من عُمرها أن ترد بهذه الطريقة السَّـاخرة والتي أجبرتني على التّعَامُل معها في المُستقبل بالكثير من الحذر).
(4)
الباحث الاجتماعي الأستاذ جعفر مصطفى يقول لـ(كوكتيل)، إنّ الأطفال في مرحلة التكوين الفكري الأول يتمتّعون بأذهانٍ صافيةٍ وسُرعة في البديهة وعُمقٍ في التفكير، وكذلك يتمتّعون بذاكرةٍ قوية الحفظ لا يستطيع أحدٌ محو ما يترسخ فيها، لذلك يجب التّعامُل معهم بصدق في المقام الأول وشئ من الدبلوماسية عند الإجابة على بعض أسئلتهم المُحرجة، لذلك لا بُدّ للأبوين والمُجتمع المُحيط بالطفل بأكمله التّعامُل بحذرٍ تَامٍ مع الأطفال مع مُراعاة سنّهم وكيفية تفكيرهم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.