همس الكلام حسين الخليفة الحسن

خلونا من”اللولوة والدغمسة “

شارك الخبر

عند إطلالة العهد الوطني، دب عداء ناعم وخفي بين السيدين: علي الميرغني، وعبد الرحمن المهدي. لم يدم طويلاً. وعندما فطنا بأن هذا الاحتراب سيعيق الطموح الوطني، جلسا سويا ثم أزالا الغبار العالق، فانقشعت سحائب الجفوة العارضة. وتصافحا وكان ما يعرف بلقاء السيدين.
ولم يكن بينهما وسيطاً. تحكي ذاكرة تأريخ الوطن أن الرئيس الأسبق جعفر نميري”عطر الله ثراه ” كان عندما يندلع صراع بين قبيلتين..tribal dispute…يحث حكماء وعقلاء القبيلتين ، ليجلسا تحت ظل شجرة وارفة وبحكمة وحنكة يتم نزع فتيل الفتنة، دون وسيط غريب.
إن التصالح والتوافق وتهدئة الخواطر هي من قيم values المجتمع السوداني، وارث وثقافة ابتدعها سلفنا الصالح.أليس من الواجب علينا أن نقتدي بها ونحرص على تطبيقها كأنموذج نادر وفريد، نفخر ونعتز به؟
ولكن أين هي منا اليوم؟ هل ضلت طريقها إلينا؟ نعم لقد فقدت بوصلتها، فهاهم بنو وطني “عساكر ومدنيين ” يتصارعون لأربعة شهور عجاف في حلبة التفاوض، بحثاً دون جدوى عن فك طلاسم أزمة الحكم الانتقالي، انفض سامرهم وقد دقوا بينهم “عطر منشم”! وقيمنا السمحة قابعة في ذاكرة الوطن. ياللهول !
فقد وئدت الثقة، وانقطع حبل الود. والصدور موغلة بعداء طائش. ولم تأتِ الثمار أكلها. والشعب السوداني المكلوم يحدق حائراً حزيناً في حلبة الصراع الساخن.
متعثر الخطى. فها هو الإنسان السوداني بصدر مثقل بالهموم وقلب ينزف دماً يبدي أسفه ويبادر بالآتي. أولاً.. سيكف المتصارعون عن اللهث، وتنقشع سحائب العداء وعدم الثقة، وستجد كل المبادرات مكاناً رحباً بسلة المهملات إذا وضعوا مصلحة الوطن العليا نصب أعينهم، وتدثروا بعباءة الوطن. حتماً سيتحقق الأمل الأخضر.
ثانياً: إن السعي الحثيث للمتصارعين وراء المكاسب الزائلة، واللهث لتحقيق البريق السلطوي الزائف، هما سبب الإخفاق وغرق سفينة التفاوض. ثالثاً: إن الشعب السوداني قد سئم وملَّ، وضاق ذرعاً من التلكؤ والتباطؤ، واللولوة، والمراوغة والدغمسة، والكذب وفقدان الثقة، والتلاعب اللفظي.
رابعاً: اندلعت ثورة الشباب من أجل معاش سهل وميسر ولكن خاب الظن، وغابت البسمة، ومازال مواطننا المفجوع يبحث لاهثاً ودون أمل للقمة من عيش تسد الرمق، وحفنة من دواء تسكت الأنين وعلم نافع يزيل أمية فلذات كبده.
فهو ينتظر صابراً ولكن طال الانتظار، فهل يتفاءل؟ خامساً:أربعة شهوركالحة وهم يتصارعون ومازلنا في المربع الأول، ودماء الشهداء الغالية تروي أرض الوطن الحبيب.
سادساً : الشباب فجروا الثورة، وجنودنا البواسل صمام أمانها، كلكم شركاء فلماذا الصراع؟ هدئوا الخواطر، واغرسوا بذور الثقة، وتنازلوا من أجل الوطن.
واخرجوه من غرفة العناية المكثفة. سابعاً:من اليوم لنغض الطرف عن كل المبادرات. ونأمل أن يقوم حكماؤنا وعقولنا الراجحة بتضميد الجراح.وإزالة الكربة المفتعلة.فكروا ياجماعة في إنقاذ وخلاص الوطن لتقبعوا بذاكرته. خلونا من إعصار التصعيد بشتى ضروبه والاتهام الخفي والنصر من عند الله.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.