الرواية الأولى … مجدي عبد العزيز

حول مواد الدفاع والأمن

° بغض النظر عن كل شيء باتت جولة التفاوض القادمة (المؤجلة) بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير بل ونجاحها بالتوافق المتزن حول الإعلان الدستوري المرتقب بات ينظر إليها بأنها المنفذ الوحيد للخروج بالمشهد الراهن من حالة الاضطراب السياسي وضبابية الرؤى والخوف من المجهول وإنهاء حالة الإغراء بالمغامرات.. وقولي من باب التزام الأمل ومجانبة التشاؤم
° معلوم أن الإرادة تتأسس على النوايا فما أن صلحت النوايا احتشدت الإرادات وقويت ودفعت للإنجاز، والعكس صحيح فلا إنجاز ولا إرادة إن كانت النوايا خبيئة ومضمرة تحت مواد المشاريع المقدمة للإعلان الدستوري بهدف إقصاء طرف الطرف الآخر أو للانفراد بالسلطة أو لاستحواذ الصلاحيات.
° إدارة الفترة الانتقالية بسمتها المؤقت وباستنادها على شرعية التغيير الذي أحدثه المدنيون والعسكريون معا تقوم على مبدأ الشراكة والتوافق بحدود كبيرة ما أمكن ذلك، وبالطبع لأنها لا تقوم على التفويض المطلق فلا بد لهياكلها أن تمارس الرقابة الدائرية بصلاحيات واضحة المعالم ومعلومة المقاصد فإن وجد من يرشح فلا بد من وجود من يعتمد، وإذا كان هناك من يشرع ومن ينفذ فلا بد أن يكون هناك من يشرف، لو كان المقصد في فترة بالغة الحساسية، شفافية ومؤسسية وأداء بإحسان.
° السيادة ليست تشريفا وتمثيلا فقط كما يبغي البعض، ورمزية ملكة إنجلترا كما يشير آخرون أوجدت بعد تجربة طويلة من وقائع حكم إنجلترا بين حروب وسلام ونزاعات وتسويات ثم أقرت بالتفويض المطلق.. ونماذج الممالك الدستورية والجمهوريات تتنوع بتنوع حالات وواقع بلدانها، وفي حالة بلادنا لم نأتِ بعد بالإقرار والدليل على ذلك الحديث عن قيام مؤتمر دستوري قبل الانتخابات.. رأس الدولة بكامل صلاحياته هو القائد الأعلى للقوات المسلحة والنظامية وإن كانت القوانين المنظمة لعملها تصنع في المجلس التشريعي والميزانية التي تسيرها توضع في الجهاز التنفيذي الذي يضم وزير الدفاع، والقائد الأعلى هو منتهى الهرم الهيكلي للقوات والأجهزة بكامل صلاحياته المعلومة والممارسة.
° كيف يكون الحديث سهلا عن أحد عناصر القوة الاستراتيجية (استنادا على مرجعيات التخطيط الاستراتيجي) وأعني عنصر القوة العسكرية وغاياتها الاستراتيجية وعقيدتها – قبل إقرار الخطة الاستراتيجية للدولة ناهيك عن التفويض الانتخابي، فالحديث عن الهيكلة الشاملة في فترة ادارة مؤقتة فيه استباق لمرحلة إعادة وضع الأولويات الوطنية – أما ما يجري في إطار القانون والهيكل التنظيمي من تحريك الأفراد والقوات فهو أمر معتاد في ظل سلطة القائد الأعلى.
° تجربة حل جهاز أمن الدولة عقب ذهاب سلطة مايو تحت ضغط مجموعات سياسية تاكد بالوقائع انها عُرضت البلاد لغزو استخباراتي وأمني (تناول تفاصيله بالبحث والتشريح عدد من خبراء الأمن والاستراتيجية من قبل)، فهذه المؤسسات كما هو معلوم مكونة من قوانين وهياكل وافراد ومعينات، وهذه الإمكانات تخدم استراتيجية وتوجهات الدولة وتكون تحت سيطرة قيادتها التي باستطاعتها تعديل مسارها واقتلاع عناصر فسادها أو مستغليها لغير أغراضها إن وجدوا، لكن من أخطر ما تملك هذه الأجهزة هي إرثها ومصادرها وعلاقاتها ومعلوماتها غير المنقطعة لذا يضاهي هدمها هدم أهرامات البجراوية ومحوها كمحو كل تراثنا التاريخي والحضاري.
° إن اقتلاع أظافر وأنياب جهاز الأمن والمخابرات الوطني يصب في مصلحة الأعداء والمتربصين ببلادنا بالدرجة الأولى في عالم أصبحت تتنامى فيه قوة ورهبة وهيبة أجهزة مخابراته فـ(السي آي إيه) تمتلك طائراتها المسيرة وضفادعها البشرية وقواتها الخاصة، ودول الإقليم من حولنا رأس رمحها في حماية مصالحها الأجهزة المنيعة التي تعرف كيف توظف معلوماتها في عملياتها السرية الوقائية ضد قواعد الإرهاب مثلا، أما اعتبار أن هذه الإمكانات وجهت من قبل ضد أنشطة سياسية داخلية لذا يجب معاقبتها بالحل دون التصحيح وبالبتر دون التعديل فهذا لعمري قصر حكمة وحماقة سياسية وقفز في الظلام.
° مواد الإعلان الدستوري المتفاوض عليه الذي سيحكم الفترة الانتقالية والتي ستعالج قضايا الدفاع والأمن أثق – امتدادا للأمل الذي أبديت بعاليه – أنها ستخرج مؤسسة وممتنة لسياجات وأسوار الوطن التي بدونها لا يكون هناك وطن، ومستلهمة ومواكبة لاستحقاقات الأمن القومي الذي دونه الضياع مهما علت الأصوات.. وإلى الملتقى.
:::
مصحح/حاتم

شارك الخبر

Comments are closed.