هَمسة تربويّة د. عبد الله إبراهيم علي أحمد

الطفل يُولد لا يعرف شيئاً عن العناد

شارك الخبر

يَتميّز الطفل بطاقة زائدة وحركة مُفرطة (hyper activeness)، لذلك نجده كثير الدوران والتحرك داخل فناء البيت وخارجه، وهو يتطلّع لمعرفة المزيد من المعارف واكتساب المهارات بطريقته الخاصّة والتي يراها مُناسبة من وجهة نظره الشخصية، في المُقابل نجده يحب الرسم والتلوين ومعرفة الخبرات، وعندما يرسم رسمةً على سبيل المثال، قد نراها نحن الكبار غير جميلة لأنّها خربشات (Scribble) وخُطُوط لا تعطي مَعنىً، غير أنّه يراها صحيحة من وجهة نظره الشخصية، وأنّها تولد له إحساساً بالسرور والمُتعة (Pleasure and fun)، لأنه يحب أن يُجرِّب ويعرف بطريقته الخاصّة، فحركة يد الطفل مُستعملاً القلم والورقة مُتعة في حَدِّ ذاتها، خُصُوصاً عندما يستعمل الألوان في إكمال الرسم، وأحياناً يرسم على الجدران والحيطان وطاولات البيت وعلى الأبواب، فهو يَستمتع المُتعة الحقيقيّة أثناء عملية الرسم، في المُقابل الطفل يمل لعبته بمُجرّد وجودها معه لفترةٍ من الزمن ويبحث عن غيرها، فماذا نحن فاعلون مع أطفالنا؟
علينا ألا نغضب عليهم حين يرسمون على الحائط، بل نُوجِّههم بالرسم على الورق وتحفيزهم بتعليق رسوماتهم على الحائط ليراها الجميع، فالبَهجة في جَمال وسَعادة الأطفال، فبدلاً من لغة الأوامر، يُمكننا أن نقول له مثلاً: هل تحتاج للمُساعدة في ترتيب غُرفتك لأنّك دائماً تحب النظافة والترتيب؟ وأنا مبسوط منك لأنّك دائماً تُنظِّف أسنانك من غير ما أقول لك.
وعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم أن ننام على الجنب الأيمن، فكل لفظ وفعل يصدر من الأب أو الأم يُؤثِّر على الطفل تَأثيراً كَبيراً، فالأطفال هُم انعكاس لصُورة الوالدين، ويُمكن مدح الطفل أمام الغير، فالطفل الذكي يُعاني من عدم الاستقرار لأنّه يفهم كل ما يدور حوله.
هذا يقودني إلى عصبية الأطفال، وحُب التّسلُّط، وهنا علينا بنبذ السلوك ورفضه وليس نبذ الطفل نفسه، وحُبّ التسلُّط والعصبية عند الأطفال هما مُعاناة لكثيرٍ من الأمّهات والآباء، فالبعض من أولياء الأمور، لا يَستطيع التّعامُل مع الأطفال ويرجع السّبب لانفعال الوالدين معهم، مِمّا يؤدي إلى إكساب الأطفال عادات غير مُحَبّبة تؤدي لنتائج عكسية.
وقد يكون الطفل يُقلِّد الكبار في عصبيتهم تقليداً عفوياً لا إرادياً، وقد يكون حرماناً من شئٍ مُعيّنٍ، وقد تكون العصبية والتسلُّط بسبب القسوة الزائدة أو التدليل الزائد، والتوبيخ الدائم (scolding) ، والتقليل من شأن الطفل، والتقليل من مُستواه العقلي والفكري، والتفرقة بينه وبين إخوانه قد يكون سبباً في ذلك، لذلك يجب معرفة السبب الأساسي لهذه الحركات العصبية والاِنفعالات، ولعلاج الظاهرة العصبية، لا بُدّ من إشباع حاجات الأطفال وتقديرهم وعدم نبذهم وتجنُّب القسوة الزائدة والتدليل الزائد، وإعطاء الأطفال مساحة من الحُرية والتّعبير عن أنفسهم بلا تحجيمٍ للحُرية، وترك مساحة للطفل للاختلاط بالأصحاب من نفس العُمر حتى ننمِّي لدى الأطفال المهارات الاجتماعية وحُب الآخرين والتعبير عن أنفسهم بحرية.. عند توجيه نقدٍ لسُلُوك الطفل يجب إيصال الشعور بنبذ السلوك وليس نبذ الطفل ذاته، مع مُراعاة استخدام ألفاظ غير مُؤذية لشعور الطفل.
أخيراً.. يجب إظهار الإعجاب نحو سُلُوك الطفل الحسن واستخدام أسلوب المكافأة، واستخدام قاعدة العزل ولو لدقائقٍ معدودة أثناء انفعال الطفل بتغيير مَكانه، كَمَا يَجب ألا ننفذ للطفل الأمر الذي تعصّب من أجله ولنشترط عليه الهُدُوء لتنفيذ مَا يُريده، ليعلم الطفل أنّ العصبية لا تأتي بنتائج مُثمرة، كما يجب مُشاركة الطفل في أعمالٍ جماعيةٍ لتنمية رُوح الجماعة وحُبّ الآخرين، ولنسمح لأطفالنا بالذهاب إلى رحلات ليتعلّموا تَحَمُّل المسؤولية والتّصرُّف بتلقائية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.