د. تيسير عبد الرحيم*

أفعى الأناكوندا (الصالح العام)

شارك الخبر

تمكنا للمرة الثانية التاريخ يعيد نفسه كما حدث في النظام البائد سياسة الصالح العام وسياسة التمكين تمكنا كلمة سمعناها وعهدناها في النظام السابق والذي تمكن منا لمدة ثلاثين عاما بسبب قرارات الصالح العام والاقالات والتخلص من الموظفين كالتخلص من الفائض في المؤسسات كل عام.. وسياسة التمكين التي هي التمكين للأتباع والموالين للنظام ماديا ووظيفيا.
هذه السياسة التي كانت كأفعى الأناكوندا المدمرة التي التهمت الجميع داخلها وببطء شديد وبحركة دؤوبة دمرت وشردت الاسر والاطفال وموظفين اكفاء من وظيفتهم بدون وجه حق وهناك موظفون توفوا اثر الصدمة بجلطة أو ذبحة بسبب هذا القرار الظالم …تتم الاقالة بسبب تحريات عن الموظف بانه مخالف للحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) وقتها وبدون فساد اداري أو وظيفي ولتمكين موظف آخر هو مؤتمر وطني وموال للنظام يطرد موظف شريف ويأتي مكانه آخر فقط هويته مؤتمر وطني … شهدت هذه الفتره وقتها تمكينا منقطع النظير.
والتمكين هو دمار للبعض وتمكين للبعض دون الآخر فكل يأتي بحاشيته ويمكن افراده التابعين له والموالين له ولحزبه فطبيعة الانسان مهما علا شأنه يميل ويهوي من يؤيده ويقف الى جانبه في كل وقت وعلى الخطأ والصواب.. فما بالكم بالسلطة والتي تجعل من يجلس عليها كفرعون في زمانه ولكي يحافظ صاحب السلطة والقرار على سلطته وكرسيه يلتف من حوله اتباعه فقط .
والآن التاريخ يعيد نفسه مره اخرى تمكنا بتقنية حديثة جديدة مع العلم باني لا اتبع حزبا ورأيت وسمعت رئيس الوزراء الحالي (حمدوك) يردد “السودان بلا احزاب في عنان السماء” ونؤيد ذلك وبشدة ..لأن ماعهدناه في النظام السابق منذ عام 1989م حتى سقوط النظام أن هناك بعض المسؤلين كانت تقع على عاتقهم مسؤولية تمكين حزبهم وتمكين انفسهم واتباعهم وحتى انه تم التعديل في بعض القوانين الدستورية والعدلية في تلك الفترة لأكثر من مرة لتخدم هذا الغرض ولن اسمي احدا بعينه فالجميع يعرف هذه الاسماء جيدا وطالت قراراتهم النزلاء الفقراء داخل السجون ببعض القرارات الظالمة بمنع العفو عن بعض المواد في الحق العام (ولن اطيل) ..تم احتكار مباشر وغير مباشر وقتها للسلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية حتى يتمكن الرئيس المخلوع من الجلوس على كرسي العرش لاطول فترة ممكنه واستمر بذلك حتى لا يطاله العقاب والحساب بعدها .
والآن نجد سياسة التمكين تعيد نفسها لحزب آخر ولاننا نعلم جميعا الآن لم يصبح هناك وجود لحزب المؤتمر الوطني بين احزاب السودان وتمت الموافقة على ما تقدم به الثوار من مطالب حول هذا الحزب ولكننا كثوار ننادي بسودان بلا أحزاب وبلا تمكين فقد كان شعارنا حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب وليس من العدالة أن نشرد موظفا من وظيفته دون بلوغ سن المعاش وبدون فساد اداري أو وظيفي.. الآن الكل مترقب في كل المؤسسات لكشوفات الصالح العام والكل ينتظر أن يثأر لنفسه فقد اصبحت هناك تصفيات داخلية وحسابات خاصة بين الموظفين الاداريين في المؤسسات التابعة للدولة فالمؤسسات الخاصة لاتشكو من مثل هذه الاعتلالات النفسية المرضية، دون النظر لمصلحة الدولة أو المواطن لماذا اصبح الانتقام والتشفي والشماتة هي خصلة واضحة بين السودانيين هذه الايام… العدالة عدالة القانون والسيادة سيادة الحق والقانون والحرية أن تقول الحقيقة والصواب بوضوح وان تكن حرا في عقيدتك ومبادئك وقراراتك لا أن تضر وتؤذي من حولك… ليس عدلا ما يحصل ولاني ارى ما يحدث الآن ماهو الا تمكين في تمكين ولكن السؤال هل هو تمكين لقوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين ام هو تمكين للحزب الشيوعي بهتافاته الجميلة العذبة وشعاراته الجذابة؟ .
السياسة ولعبتها تعيد نفسها في كل حين التي آخر همها الشعب والمواطن الغلاء فاحش يا سادة والفقراء يموتون داخل المستشفيات والدولار السوق الاسود مرتفع وكل ما نراه من وعود ما هو الا وعود في وعود والثورة لم تخمد فهناك ثوار يراقبون وبالتأكيد لن يتكرر ما حدث في ثوره الانقاذ فجيل الثورة واع ويعرف كيف يفرق بين حلو الحديث وحلو الافعال فما سمعناه من وعود وعبارات معسولة لن يجعل هذا الشفاتي الثورجي ينام ويتنازل عن حقه مقابل كلام معسول.. فالواضح أن السياسة الجديدة تستهدف تفكيك نظام سابق لتمكين نظام جديد فمنذ السقوط يوجد مئات الموظفين تمت إقالاتهم بدون فساد اداري أو وظيفي وما زالت كشوفات الصالح العام مستمرة وأصبح هناك فراغ واضح في هيكل الدولة.. وألاحظ ايضا التمكين المادي على البعض هذه الايام سودان بلا احزاب بلا تجمعات في عنان السماء فما زال التعليم مترديا والعلاج غير متوفر وما زال الغلاء فاحشا ومواصلات مافي والمواطنون يعانون صعوبة التنقل بالمواصلات والقطار الذي هتفتوا له واحتفلتوا به لم يحل ازمة المواصلات واقتصاد الدولة منهار.
نحن لا نطلب المستحيل ولكن نطالب بالحياة الكريمة للفقراء ..حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب .
*الأمين العام لمنظمة التكافل للبر والإحسان

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.