الطريق الثالث – بكري المدني

حوار الوزير

  • على الرغم من جرعة الإحباط الكبيرة التى جاءت في حوار الزميل النابه فتح الرحمن شبارقة مع السيد وزير المالية، إلا أن الرجل أوقد شمعة في النفق المظلم بحديثه عن ضرورة (الحوار المجتمعي ) كهادي للفترة الانتقالية والحوار المجتمعي ليس فكرة جديدة طبعا فلقد كان أحد مسارات (الحوار الوطني)الذي نظمه النظام السابق قبل أن يطغى عليه الحوار السياسي ويطغى النظام السابق على الحوار كله!
  • اتفق مع السيد الوزير أن الحوار المجتمعي هو البداية الصحيحة التي يجب أن يتأسس عليها كل شيء أو كما قال، وحقيقة أن حاجتنا الى حوار مجتمعي تفوق حاجتنا إلى حوار سياسي فالأول يمكن أن يتضمن الثاني باعتبار أن الحوار المجتمعي هو الأشمل بحسبان ان الشأن السياسي أحد هموم المجتمع ولكنها ليست كل شواغله، إضافة إلى حقيقة ساطعة وهي أن التنظيمات السياسية السودانية على تعددها لا تمثل كل الشعب السوداني ولعل الغالبية العظمى من أبناء شعبنا من المستقلين غير المنتمين لكيانات سياسية.
  • النظام السابق أسقطه الشباب المستقل بصفة غالبه، وهؤلاء هم أبناء المجتمع السودانى الذين لا تجمعهم مظلة سياسية واحدة ولن يكون هناك منبر يجمعهم سوى الحوار المجتمعي، ونحن في السودان اليوم أكثر حاجة للحوار المجتمعي أكثر من أي وقت مضى وذلك لجملة أسباب منها أن أصحاب المصلحة الحقيقية في هذا البلد مغيبون بسبب سطوة التنظيمات السياسية على منابر الحديث والفعل معاً، ولغياب قضايا المجتمع المباشرة عن طاولات التفاوض بين الفرقاء السياسيين.
  • مسألة مهمة جدا يمكن أن يسهم في الدفع بها الحوار المجتمعي، وهي الحوار بصراحة وشفافية حول بعض مثالب مجتمعنا السوداني والتي لا يمكن أن يعالجها تغيير سياسي سواء بسواء ان كان ثورة شعبية أو انقلابا عسكريا ومجتمعنا السوداني وعلى الرغم من الكثير من المزايا الإيجابية التي تميزه عن غيره بشهادة غيره إلا انه مجتمع يعاني من مثالب غير قليلة تحتاج كما سبق إلى حوار شفاف وصريح بين مكوناته.
  • للذكر وليس الحصر من واقع اليوم نجد أن بعض الظواهر السالبة في المجتمع ذات صلة مباشرة بتأزيم معاش الناس وأعني سلوك الاستغلال الذي بدأ ينتشر بين الناس لدرجة اقترابه من الظاهرة، مثل الاستغلال في البيع والشراء، والاستغلال في تقديم الخدمات إضافة إلى ظواهر الغش والخداع هذا غير ظواهر جديدة قديمة تصاحب كل تغيير سياسي وتتمثل في حالات التفسخ وفقدان الأمن المجتمعي والشخصي.
  • المجتمع الواعي والمسؤول هو القادر على إدارة أمره وقيادة بلاده حتى في حالة ضعف الحكومات أو غيابها وفي ذلك تأخذني جدا تجربة مجتمع (صومال لاند) ذلك الإقليم الصومالي الذي اضطلع مجتمعه بالمسؤولية إبان انهيار السلطة والدولة في الصومال، وكان ان سلم هذا الإقليم بوعي مجتمعه الذي أدار شؤون حياته وعبر أعظم امتحان تعرض له الصومال، وأضحى من بعد أنموذجا وقائدا لبقية مجتمعات الأقاليم الصومالية.
  • دعونا نتحاور بشفافية بعيدا عن الجماعات السياسية، بل ونتحاور حول هذه الجماعات نفسها وعلاقتها بما آل إليه حال البلاد والعباد لعلنا نكتشف (طريقاً ثالثاً).
شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.