د/ عادل عبد العزيز الفكي

هل يمثل تغيير العملة حلاً للمشكلة الاقتصادية؟

شارك الخبر

يتم تداول العديد من المقالات عبر وسائط التواصل الاجتماعي تتبنى مقولة أن تغيير العملة بالسودان هو الحل لمشكلة الاقتصاد بالسودان. ولتبرير هذا الزعم يشيرون إلى أن أغلب الكتلة النقدية هي بأيدي الجمهور خارج النظام المصرفي فلا تستطيع البنوك تمويل المشروعات. وأن حائزي هذه الكتلة يتاجرون بها في الدولار فترتفع أسعاره، وهم لا يدفعون الضرائب، ولا يدرى الناس مصدر ثرواتهم.
بناءً على التبريرات المذكورة تنشأ أسئلة مشروعة: هل تغيير العملة سوف يعيد النقد بأيدي الجمهور لداخل النظام المصرفي؟ وهل حجز أموال الناس بعد تغيير العملة سوف يؤدي لخفض أسعار العملات الأجنبية؟ وهل معرفة الأرصدة الحقيقية للناس من خلال توريدهم للاموال النقدية للبنوك هو الطريقة المثلى لفرض الضرائب أو معرفة مصادر ثروات الناس؟
للإجابة على هذه الأسئلة نقول: إن تغيير العملة والإعلان للناس عن زمن محدد للتغيير تصبح بعده العملة القديمة غير مبرأة للذمة هو إجراء سوف يعيد الأموال للنظام المصرفي، ولكنها سوف تكون عودة مؤقتة فحسب، لأنه ليس هناك ما يمنع سحب الناس لأموالهم مجدداً. أما إذا اتجهت الحكومة لحجز أموال الناس والإفراج لهم عن كميات محدودة لاحتياجاتهم فإن هذه كارثة سوف تصيب النظام المصرفي في مقتل، بعنصر انعدام الثقة، ولا يُنصح بها على الإطلاق.
إن حجز أموال الناس بالبنوك لن يؤدي لخفض أسعار العملات الأجنبية، بالعكس سوف يزداد تدني قيمة العملة السودانية أمام العملات الأجنبية.
أما الزعم بأن تغيير العملة سوف يؤدي لكشف مصادر ثروات الناس، وبالتالي مصادرة الأموال التي تم اكتنازها بالتمكين أو الإفساد أو الاحتيال، ويمكّن من فرض الضرائب على أصحاب الأموال، فهو زعم غير حكيم وغير عملي. فمن ناحية ليس كل من لديه مال هو فاسد أو حرامي. ومن ناحية أخرى فإن الثروة ليست في الأموال النقدية السائلة فحسب إنها يمكن أن تكون في العقارات أو الذهب أو الودائع خارج السودان إلى آخره من أشكال الثروات. ولهذا فإن الوسيلة المثلى لفرض الضرائب على الثروات والدخول الحقيقية هو تفعيل نظم المعلومات بالربط الشبكي ما بين أنظمة الضرائب وقطاعات الإنتاج والتجارة المختلفة. وعقد الاتفاقيات الضريبية مع الدول الأخرى.
إن استعادة الكتلة النقدية للنظام المصرفي بالوسائل الإدارية والطرق البوليسية مثل تغيير العملة أو حجزها غير مجدٍ على الإطلاق، ونتائجه على الأغلب سوف تكون عكسية. ولتحقيق هدف استعادة الأموال لداخل النظام المصرفي يجب اتباع وسائل اقتصادية مثل منح أرباح مجزية على الودائع، وتسهيل عملية منح القروض، وتسهيل إجراءات الاستثمار والتجارة. والله الموفق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.