بين العلمانية والدولة المدنية

كلام الناس...نورالدين مدني

* شهد الإفطار الرمضاني التشاوري الثاني لاتحاد مسلمي أستراليا للسلام في عام مضى نقاشاً مهماً حول طبيعة الاتحاد ودوره المنتظر‘ ومن المسائل التي أثيرت في اللقاء مسألة علمانية الإتحاد.
* الجدير بالذكر أن اللقاء الرمضاني التشاوري الثاني لاتحاد مسلمي استراليا للسلام حضره عدد من المدعوين من مختلف ألوان الطيف الإسلامي وغيرهم من المعنيين بأهمية التعايش الإيجابي بين كل مكونات النسيج الأسترالي‘ لتأكيد بعد الاتحاد عن كل أسباب الخلافات المذهبية.
*لذلك لم يكن من الغريب أن يرفض أحد الضيوف الأعزاء وصف الاتحاد بالعلمانية‘ وظهرت آراء أخرى مؤيدة عدم استعمال وصف العلمانية على الاتحاد‘ والاكتفاء باعتباره منظمة من منظمات المجتمع المدني وعدم الدخول في معضلة نظرية حول الأوصاف والمسميات.
*هذا النقاش المهم الذي ساد أجواء اللقاء الرمضاني التشاوري الثاني للاتحاد أعاد لذاكرتي الحوار المفتوح الذي دار في أحد مواقع التواصل الالكترونية هاجم فيه أحد الكتاب تعبير “الدولة المدنية” وقال أنه فضفاض لكن تصدى له من يرفض الإصرار على تعبير الدولة العلمانية‘ لسيادة المفاهيم الخاطئة التي تربط بين العلمانية وإبعاد الدين عن حياتنا.
*تكتسب مثل هذه المناقشات أهمية قصوى خاصة في ظل تنامي تيارات الإنكفائيين وممارساتهم الشائهة وجرائمهم الإرهابية التي لاتمت بصلة لدين الرحمة المسداة للعالمين.
* الذين يقرأون تأريخ الإنسانية يذكرون جيداً الصراع الذي بدأ في عصر النهضة الأوروبية بين الانكفائيين الذين كانوا يرفضون الأخذ بأسباب الحضارة‘ وبين الذين يصطحبون مع إيمانهم مخرجات النهضة والتقدم العلمي.
*قامت حركة النهضة في اوروبا في مواجهة سطوة الانكفائيين الذين كانوا يصكون صكوك الغفران بأيديهم باسم السلطة الإلهية كما يحاول بعض الانكفائيين الآن تفصيل الجنة وفق مواصفات نهجهم السياسي القاصر.
*إن الحراك المجتمعي الآني الرامي لاستصحاب مخرجات التطور الإنساني لايسعى للخروج من رحاب الدين‘ وإنما يهدف للإستفادة من تطور الفكر السياسي في العالم‘ واعتماد النهج الديمقراطي الذي يحمي حرية الأديان وحق الجميع في ممارسة معتقداتهم في ظل الدولة المدنية التي تكفل الحريات المتساوية والعدل للمواطنين تحت مظلة سيادة القانون.
لذلك خلص اللقاء الرمضاني التشاوري الثاني لاتحاد مسلمي أستراليا للسلام إلى تأكيد بعده عن الادعاء بأنهم ” الفرقة الناجية” وأن ما عداهم كفار يجب عقابهم في الدنيا قبل الآخرة‘ وإنما هم كما جاء في القرآن الكريم جماعة من المسلمين .. ” ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين”(آية ٣٣ فصلت) وأنهم يؤمنون بأن الله سبحانه وتعالى خلق الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتنافسوا على التقوى في سلام وإخاء .. من أجل عمران الدنيا وليس إلى تخريبها‘ دون أن ينسوا تقديم الخير من أجل دار البقاء.
*إن اتحاد مسلمي أستراليا للسلام إنما يسعى لتحقيق التعايش الإيجابي بين المسلمين وبينهم وبين المكونات الثقافية والمجتمعية في النسيج الأسترالي دون تمييز أو إكراه على هدى المنهج الرباني “لكم دينكم ولى دين”.
*للأسف توقف نشاط اتحاد مسلمي استراليا لظروف متعددة وجاءت جائحة كورونا إضافة أخرى لتعطل أنشطته التي نأمل أن تعود عبر الوسائط الإلكترونية ومخرجات التقنية الحديثة المتاحة وبالله التوفيق.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.