كيف تصبح أخاً جيداً؟

د.عبدالله إبراهيم علي أحمد

الإخوة هم الأشخاص الذين نعتمد عليهم وهم الذين يعلموننا التعاون والعطف والرعاية، وهي نعمة من الله، لا يعرف قيمتهم إلا من تمتع بهم، فليس هنالك حب آخر كحب الأخ لأخيه، فهو حب متبادل يدوم للأبد، وطوبى للشخص الذي يهتم بأخيه بقدرٍ كبير عندما يكون مريضاً أو عاجزاً كما هو الحال عندما كان على ما يرام ويمكن أن يكون في خدمته، وطوبى لمن يحب أخاه كثيراً عندما يكون بعيداً عنه كما هو الحال عندما كان إلى جانبه، ويبقى الأخ الكبير هو الأب الثاني لأخته، فعندما تتوافق آراء الإخوة، تكون علاقتهم أقوى من أي شيء.
أخي إذا ضاق بي الوقت، وخان فيني البشر، أنت العضيد الذي أشد فيه ظهري، وبعد أن تكبر الفتاة، يحمونها إخوانها الصغار ويدافعون عنها كما لو كانوا أكبر سناً، فتقول في أخيها:
(يا من على فزعتي يمينه في يمناي)، والأخ الصالح لا يأمر إلا بالخير، ففي بعض الأحيان يكون الشقيق أفضل من أن يكون بطلاً خارقاً.
قيل لرجلٍ يحمل أخاه ويصعد به جبلاً، الحمل ثقيل عليك، فقال: ليس هذا بحمل، هذا أخي، هذه العبارات تقودني إلى الإخوة تلك الكلمة التي تحمل في طياتها دفئاً وإحساساً جميلاً يجسد أسمى علاقة إنسانية وطيدة نتعايش معها منذ نعومة أظفارنا، قال حكيم عن الأخ: هو الذي يحمل همي ويسأل عني ويسد خللي ويغفر زللي ويذكرني بربي ويدعو لي بظاهر الغيب، فهو مثل اليد والعين، فإذا أدمعت العين مسحت اليد دمعها، وإذا تألمت اليد بكت العين لأجلها، ولكن قد تظهر خلافات ومشاكل بين الإخوان وتمتد قضاياهم خارج نطاق الأسرة أمام الملأ، وقد تصل الى المحاكم دون التفكير بأن تلك العداوة غير المبررة قد تتسبب في قطع صلة أرحامهم وأرحام أبنائهم من بعدهم، وأحياناً صراع الزوجات يتسبب في ذلك، ولن ننسى المشكلة بين (قابيل وهابيل)، والغيرة الشديدة بين إخوة يوسف عليه السلام.
وعموماً عدم العدل والمساواة بين الإخوة أو بين الزوجات يُولِدُ الصراع والكراهية بين الأبناء، ولكن ليبقى الدور المهم هو طبيعة علاقة الإخوة ببعضهم البعض قائماً على مدى تعلم وثقافة هؤلاء الاخوة فيما بينهم، فلا ينبغي أن يكون دورهم امتداداً لدور والديهم السلبي على وجه الخصوص، إذ عليهم أن يسعوا الى التواصل والتآخي والتآلف فيما بينهم، حيث صلة الرحم من أهم ما أوصت به الشريعة الإسلامية، فما يزرعه الأب أوِ الأم في الأبناء ينعكس على العلاقة بينهما ما إن كانت سلبية أم إيجابية.
تم تبليغ أحد العارفين بنبأ وفاة والدته، فحزن وقال الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه، انقضت الأيام والسنين وبعدها جاءه خبر وفاة والده، فقال: الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه، ثم بعدها بقليل بلغه النبأ الثالث، وكان هذه المرة نبأ وفاة شقيقه، فقال: الحمدلله الذي لا يُحمد على مكروهٍ سواه، ولكن سرعان ما أردفها بعبارة، حين قال وبحزنٍ عميق:
(الآن انقسم ظهري).
وتحضرني قصة الشابة المتزوجة التي أحست بأعراض الموت والاحتضار، فأرسلت رسالتين، أحدهما لزوجها والثانية لأخيها، كتبت: أنا ذاهبة هل ستأتي معي؟ بعد دقيقتين وصلتها رسالة من زوجها ومكتوب فيها وين رايحة؟ أنا مشغول وأعتذر عن المجيء معاك، روحي لوحدك، فبدأ قلبُها يؤلمها أكثر، وبعد ثانيتين وصلتها رسالة من أخيها مكتوب فيها: وين بتروحين لحالك أصبري أنا جائي معاك ويسلم رأسك، ابتسمت ابتسامة حب وحنان وأغمضت عينيها ثم توقف قلبها عن النبض، والعبرة هنا، مهما كان حب الزوج لن يصبح كالأخ، فالأخ والأخت هما الأهم والأقرب بحتمية التكوين لا بخيار الإرادة، لذا اجعلوا دوماً مسارب العذوبة مصونة ومفتوحة مع اشقائكم.
أخيراً علينا ألاَ نُورث أبناءنا الأمور والأخبار السيئة عن أقاربهم مهما حدث بينهم ولندعهم ينشأون بقلوب سليمة ونوايا صافية، ولنعلمهم حسن الخلق والوصل بالأقارب لعل الله يجعل حالهم أحسن من حالنا.

خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية
الدوحة – قطر

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.