خوازيق

حجاوي الجمعة ….هشام الخليفة

شارك الخبر

“خوازيق “مفردها “خازوق ” وهي آلة ابتكرها الطغاة قديما للتعذيب المؤدي للموت غير انها استخدمت مجازا في العامية بمعنى الوقوع في مقلب أو خيانة أحد الأشخاص أو من توقع حدوث شيء لا يحدث.
تجد هذه الخوازيق في كل مناحي الحياة.. في الحب والعمل ومن الجيران في الحي أو العمل أو كما قال البروفسير عبدالله الطيب عندما نْقل من جامعة الخرطوم الى إحدى الجامعات الإسلامية” الآن انتقلنا من مكر الافندية إلى مكر الشيوخ “.
نبدأ من مقالب الحب ..كنت اعمل في احدى المدارس الثانوية حينما زارني شاب لطيف ظريف مهندم رحبت به فجلس ثم “استل” من حقيبة كان يحملها أوراقا مطبوعة بالآلة الكاتبة. قال لي في تهذيب عجيب انه شاعر وأن هذا أول ديوان له وهو يريدني أن اطلع عليه لإبداء الرأي فيه قال ذلك ثم ودعني وانصرف. فتحت أول صفحة وكلي شوق للاستمتاع بشعر رصين جميل يشبه صاحبه “ففاجأني” أول بيت وهو يقول :
حبيبي سافر لماذا
خلاني مكنكش جنازه
انفجرت ضاحكا حتى انتبه كل من كان بالمكتب ثم قرأت البيت فسرت العدوى للجميع واصبح المكتب في حالة من الضحك المتواصل.
لم ار ذلك الشاب مرة أخرى وحتى لو رأيته لما كانت لي إجابة على هذا السؤال الذي لا يملك إجابته الا الحبيب الذي “تبخر” في ظروف غامضة وربما هرب بعد أن “انهرى” من سماع مثل هذا الكلام “المبهول” الذي ليس له علاقة بالشعر.
ثم سمعت أن صديقا له وهو “متشاعر” آخر قد هجاه بقصيدة عصماء قال فيها :
يا فلان شعرك كلو هظار
ولو حضرت الزمان الأول
لهجاك بشار
كفايه كلام يا ثرثار
أن شعرك لا يساوي
ورقة سجار
ويبدو أن الاخوين يختاران قافية ثم يرصان عليها الكلام رصا فيصبح مثل الحمام البلدي في الخريف يميل (للجنبة سايد) يوشك أن يسجد لله سبحانه وتعالى.
وقريبا من مقالب الحب هنالك مقالب الزواج. سمعت شابا يروي قصته وهي أقرب للمسرحيات التي تختلط فيها الكوميديا بالتراجيديا. يقول انه عندما نوى الزواج اختار له والداه فتاة عندما رآها وجدها غاية في الجمال والأناقة واللباقة.
تم الزواج وفي الليلة المباركة اطلت عليه الزوجة فأوشك أن يهرب وينجو بجلده فهي أولا ليست الفتاة التي رآها في المرة الأولى وثانيا وهو الاهم فإنها تمتاز بشكل لم يره في انس ولا في جن.
جلس طوال ليلته تلك وهو يفكر في الطريقة التي ينفك بها من هذا المقلب العجيب اما الفتاة فقد انهمكت منذ أول لحظة في ترتيب بيت الزوجية ثم صنعت له عشاء لم يذق أحلى منه من قبل. يقول انها بدأت تدخل قلبه شيئا فشيئا بعد أن تعود على المنظر وعرف المخبر فانجب منها البنين والبنات.
بعد ذلك اكتشف أن لها عقلية تجارية فذة فافتتح لها محلا تجاريا كانت تديره بنفسها فنجح نجاحا باهرا . يقول وهو يضحك انه يعزو سبب النجاح إلى أن الزبون عندما يحين الدفع ويرى صاحبة المحل يدفع ولا يفاصل ثم يهرب لينجو بجلده من هذا المنظر العجيب !!.
اما مقالب السياسة فمكرها يمتد ليشمل أمة كاملة ومن ذلك ما قيل ان السفيرة الأمريكية في بغداد هي التي أوحت لصدام حسن بغزو الكويت وحينما اجتاحت جيوشه أراضي الكويت (حدس ما حدس).
ومنها إسرائيل الخازوق الأكبر الذي ظل منذ العام ١٩٤٨م عصيا على العرب والمسلمين فهو “لابنفات ولا بنبلع” ويبدو أن البعض قد اقتنع باستحالة مناطحتها فبدأت خطوات التطبيع.
غنت فيروز “أجراس العودة “:
الآن الآن وليس غدا
أجراس العودة فلتقرع
ورد عليها نزار قباني- وقيل مظفر النواب -:
عفوا فيروز ومعذرة
أجراس العودة لن تقرع
العودة يلزمها مدفع
والمدفع يلزمه أصبع
خازوق دُق ولن يقلع
من بير السبع إلى سعسع
اما في السودان “فالحال من بعضو” وقد وصفه الشاعر محمد الحسن سالم حميد فقال:
من الواسوق أبت تطلع
من الابرول ابت تطلع
من الأقلام ابت تطلع
من المدفع طلع خازوق
خوازيق البلد كترت
وبالرغم أن الخازوق قد “انقلع” فإنه مثل الزلزال له توابع وما زالت توابعه تتتابع ولا نملك الا أن نرفع أيدينا بالدعاء “ان يحلنا الحل بله من القيد والمذلة” آمين يارب العالمين
وسلامتكم.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.