“هذا بيت الجاك”

الرسالة (خارج التسلسل الرقمي)

حرب الجنرالين.. العبثية الملعونة وقانون “العرض والطلب”

 

في 15 أبريل من العام الماضي 2023، أُدخل الوطن الغالي في حرب أثبتت الأيام والأحداث أنّ من ابتدروها ومن شائعهم لا يكنون للوطن شيئاً من الحب والتقدير والتعظيم. أثبتت الأيام والأحداث أنّ من وراء هذه الحرب أشخاص شغلتهم “أحلامهم الزعطوطية” و”أفكارهم الغبشاء” عن الرشد وسواء الطريق.

 

أنا في هذه الرسالة أريد أن أحكي لكم كيف أعادتني هذه الحرب لأعيد النظر في بعض المفاهيم والمعتقدات والأفكار التي ظلت معي طوال حياتي. عامل “الزمن” حسم أمره في محكم التنزيل من حيث الأعمار “لَا یَسۡتَأخِرُونَ سَاعَةࣰ وَلَا یَسۡتَقدِمُونَ” ومن حيث “أوقات الصلاة” ومن حيث عدد “السنين” ومن حيث عدد “السموات والأرضين” وعدد سنين التي قضاها أهل الكهف في كهفهم، وغيرها من الأعداد التي وردت في محكم التنزيل إلى قوله عز وجل “وكفى بنا حاسبين”. هذا ما جاء في محكم التنزيل من إثبات وتحديد دقيق لعامل الزمن. أما من دون ذلك في حق عامل الزمن، فقد درسناه وحفظناه وثبتناه على حيطان قاعات مدرستنا في المرحلة الأولية وربما المرحلة الوسطى: “الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك” و”لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد” وهكذا من المعلقات.

أما وقد مرت علي قرابة الأحد عشر شهراً منذ أن دخلت مصر نازحاً؛ فقد أصبح “الزمن” عاملاً ثقيلاً بطيئ الحركة لا قيمة له اللهم إلا من حيث أداء الصلوات؛ فقد أفقدتني الحرب “الحيلة” ومنعتني من القيام بعملي/مهنتي التي مارستها أكثر من خمسين عاماً متصلاً، وحرمت بذلك عشرات إن لم أقل المئات من الطلاب من الاستفادة من علمي وتجربتي. جعلتني هذه الحرب “متعطلاً” ولا أقول “عاطلاً” معاذ الله لأن “العاطل” هو الشخص الذي ليس له من القدرات والكفاءة التي تمكنه من القيام بعمل يتحصّل في مقابله أجراً.

أما من ناحية فلسفية، فقد أرجعتني هذه الحرب إلى مبادئ علم الاقتصاد وقانون “العرض والطلب” / The Law of Supply & Demand تقول أول مبادئ هذا القانون: إنّ الفائدة التي تجنى من السلعة أو الخدمة هي التي تحدد سعرها/Value determines price (دون الدخول في تفاصيل حسابات معدلات المرونة/elasticity) يُفهم من كيفية تحديد الأسعار أنّه كلما كانت الفائدة المبتغاة من السلعة/الخدمة عالية، كلما كان سعرها عالياً.

إلى هنا والفهم سالك تماماً. ثم يأتيك أمر سلع مثل “الهواء” الذي نستنشقه ويجب أن نحمد الله عليه كثيراً “النفس الطالع ونازل” لاَأنه مؤشر الحياة الأوحد. ولكن وبالرغم من أهميته القصوى هذةَه، فإن “الهواء” كـ”سلعة/valueless” وكهذا لا يُوضع لها سعر/ثمن (وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا).

 

أجبرتني هذه الحرب العبثية اللعينه أن أصنف “عامل الزمن” كسلعة valuess إذ أنّ “عامل الزمن” في غربتي هذه لا يعني لي شيئاً سواء من ذكرت أعلاه من أداء للصلوات في أوقاتها. هكذا أصبحت أنا الذي كان يخرج من منزلي ستة أيام في الأسبوع الساعة 7.15 ص وأعود ما بين 4.15 و7.10م حسب محاضراتي الصباحية والمسائية.

 

في اللغة الإنجليزية كلمة: vegetated يُفهم بها أن يتعطّل نمو العشبة لسبب ما بعد أن شبت. أنا أعرف من كان السبب في حالة تعطلي وألعنهم وأدعو الله أن يخذلهم وأن يريني فيهم عظائم قدرته.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.