حسين شندي يكتب: اليوم ترملت البيكلو.. وجرحك لا يندمل يا أسامة

غادرنا أخي وحبيبي وصديقي أسامة بابكر التوم ود حرم مكي.

أول مرة التقيته كان في العام ١٩٨١ داخل مباني دار فلاح والتي حضر إليها لمقابلتي طالباً مني أن أغني معه في مناسبة زواج قريب أو صديق له في مدينة بحري.

 

وكان أن صعد إلى المسرح مشاركاً لنا بالعزف على آلته المحببة البيكلو والتي تمثل رئته الثانية، عندها كنت أغني بآلة المندلين وقد عزف معنا كما لم يعزف من قبل.

ومنذ تلك اللحظة امتدت علاقتنا بل وتوطدت بشكل ممتاز، واكتشفت من خلالها معدن الرجل الفاضل المهذب الوفي المقدام، وظل على تواصل معي بل وأجده أول القادمين في أفراحي وأتراحي.

تفرد أسامة بخصائص كثيرة، منها السلوك الرفيع السامي والتهذيب الذي لا توصفه الكلمات، خاطب وجدان الناس على طريقته مصطحباً معه آلة البيكلو التي تعتبر من أصغر وأصعب الآلات لكنه سجل بها نجاحاً منقطع النظير وتمكن من إدخال هذه الآلة في مكان الصولو لتقوم بالمهمة الرئيسية وليست المصاحبة كبقية الآلات. لم لا وهو الدارس المتخصص لهذه الآلة بل والمُدرِس لها بعد أن هاجر إلى دولة الإمارات والتي عمل بها حوالي ١٥ عاماً وسجل خلالها غسمه بأحرف من نور.

أدى أسامة رسالته بشكل كامل متكامل وكان يتفرد بالعزف على محبوبته ويطوعها طوع بنانه وهي الآلة ذات الصوت الساحر الخلاب.

وعبر عزفه المميز، نجح في أن يحتل مكانته السامية على رأس فرقة الخالد محمد الأمين بعد أن ارتبط به ارتباطاً وجدانياً في غاية المتانة.

 

تولى العزف المنفرد في الكثير من أغنيات ود الأمين وكان عزفه يمتد لفترة من الزمان ويتم التلازم ما بين البيكلو التي يعزفها وابو اللمين العواد الأشهر في السودان، ما ساهم كثيراً في دخول المستمعين في حالات طرب تكاد تصل مراحيل التحليق بلا أجنحة، وكان التجاوب من قبل الجمهور مبهراً لكليهما والرقص والغناء والتصفيق الحار كل يعبر عن نفسه وفق ما يريد.

ألف أسامة بيكلو عدداً من المعزوفات منها شيء في الخاطر وهو عنوان ألبوم قام بإصداره.

وفي ظل هذه الحرب اللعينة، تساقط عدد من المبدعين السودانيين بالمرض والموت لكنهم سيظلون بفنهم الخالد يتواجدون في دواخل الشعب السوداني.

عزائي لكل أفراد أسرتك ولزملائك ولكل محبي فنك السامي المتفرد وإلى جنات الخلد أيها الطيب البشوش الشهم الكريم.

 

٢٤ مايو٢٤

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.