جاء في الأخبار أنّ هناك توجهاً لنقل الوزارات إلى مدينة عطبرة، أو توزيعها بين أكثر من ولاية، ربما تهدف الخطوة لتفعيل هذه الوزارات التي لم يعد يشعر بها أحدٌ منذ بداية هذه الحرب الضروس الشرسة المدمرة، و يمكن القول بأن البلاد تُدار طيلة هذه الفترة ولائياً، باستثناء بعض الوزارات السيادية، وعليه أعتقد أنّ القرار المطلوب والمناسب لهذه المرحلة، بل حتى ما بعدها، هو تجميد هذه الوزارات لا البحث عن نقلها، خاصةً وأن ذلك سيتطلب مجهودات وتكلفة وترتيبات وغيرها مما لا وقت له ولا طاقة.
وأعتقد أن هذه فرصة لأعيد ما اقترحته قبل سنوات من ضرورة إعادة النظر في الوزارات المركزية حتى تؤتى الفيدرالية ثمرتها.. إذا أردنا أن ينطلق النظام الفيدرالي وتنهض الولايات، ومن ثَمّ البلاد، علينا الاكتفاء بخمس وزارات مركزية فقط، فهي كافية للحفاظ على تماسُك البلاد ووحدتها، وهي وزارات: الدفاع، المالية، الخارجية، الداخلية، يضاف لها وزارة للبحث العلمي والتعليم.
ونقول بلا تطويل إن إلغاء الوزارات المركزية له أكثر من فائدة:
أولاً: سينهي عُقدة المركز التي أوقدت الضغائن والأحقاد، فدمرت البلاد وشردت العباد.
ثانياً: ستوفر الكثير الكثير الكثير من المال المنصرف بلا اي عائد، وأهم من كل ذلك هو بمثابة انطلاق للوزارات الولائية بما ييسر نهضة كل ولاية.
قلنا من قبل إننا نحتاج بشدة لتطبيق النظرية الإدارية التي تقول اذا استعصت مشكلة فلا حل إلا بتجزئتها، وقد استعصى علينا بهذه المركزية تحقيق نهضة عبر عقود رغم ما تزخر به بلادنا من ثروات وإمكانات، ورغم ما بذل من مؤتمرات وندوات، ورغم ما قيل ونشر لأساتذة وبروفيسورات وخبراء وأصحاب استراتيجيات، رغم كل ذلك كان الحصاد سراباً. فما علينا الآن إلا أن نضع الكرة في ملعب الولايات.
صحيح فكرة إلغاء الوزارات المركزية قد تبدو غريبة وتحتاج ترتيبات وقد تكون منها تخوفات، وسيدور حولها كثير من التساؤلات، إلا أنني أعتقد أن الأمر أسهل وأفيد مما يتوقع.
إن الخروج بإذن الله تعالى من هذه الحرب الشرسة المدمرة لا بد أن يصحبه تغييرٌ جذري في هيكلة الدولة وشكلها ونظمها وإدارتها وعلاقتها وكل شئ، كل شئ.. آراء كثيرة تدور حول وضع البلاد بعد انتهاء الحرب، ونقول لن تجدي أي رؤية تبنى على القديم أو حتى تقتبس منه.
والله المستعان،،
