“الحرية” و”العسكري”.. سيناريوهات ما بعد التصعيد

 

الخرطوم: هبة علي

تصعيد بين طرفي التفاوض واتهامات متبادلة على خلفية تعثرهما مؤخرا، لغة التصعيد بدت مخلوطة بتهديد خفي ابتدره المجلس العسكري بحسم الفوضى، مطالبا المعتصمين بإزالة المتاريس وفتح الكباري ومسارات القطارات مع الحفاظ على الاعتصام.

 في المقابل، شددت قوى إعلان الحرية والتغيير على تمسكها بالاعتصام كما عمد المعتصمون إلى زيادة المتاريس واغلاق مساحة أكبر وتسيير مواكب والدعوة لمليونيات اليوم كتأكيد جديد على أنها المعبر الأوحد عن الشارع السوداني وثورته المجيدة، مما يشكل ضغطا على المجلس العسكري لتنفيذ مطالب الثورة. (السوداني) سعت لبحث سيناريوهات ما بعد التصعيد.

مصلحة البلد العيا

نائب رئيس هيئة الأركان الأسبق الفريق عثمان بلية، أكد في حديثه لـ(السوداني) مدى عظم المسؤولية الوطنية التي يفترض أن يتحلى بها طرفا التفاوض، انطلاقا من قناعة أن مصلحة البلد هي المصلحة العليا وليس الاستحواذ على السلطة، مؤكدا على توصل المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير إلى اتفاق ومن المتوقع أن يكون خلال الساعات القادمة، وأضاف: في حال تعسر الاتفاق ستكون هناك واسطات وضغوط دولية وإقليمية لضمان الانتقال السلمي للسلطة دون فوضى أمنية ويحمد للجيش استجابته للشعب بإسقاط النظام السابق.

مراقبة دولية وإقليمية 

القانوني د.عادل العاجب، يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى تحليل الأبعاد القانونية الدولية، قاطعا بأن عهد الانقلابات العسكرية قد ولى في إفريقيا نسبة لقوانين مجلس الأمن الإفريقي الصارمة، قاطعا بأن ما يحدث في السودان لا يندرج تحت قائمة الانقلابات وما حدث كان استجابة لطلب الشعب بإسقاط النظام، مؤكداً مراقبة مجلسي الأمن الدولي والإفريقي للوضع الراهن عن كثب، ومرجحا تقاضيها الطرف عن ما يحدث إلى حين انتهاء الفترة الزمنية المطروحة كمهلة لتسليم الحكم للمدنيين ولخصوصية وضع السودان يصعب التكهن بما ستؤول إليه مجالس الأمن في حالة عدم التسليم.

المرونة.. سيدة الموقف

(هنالك ضغط على المجلس العسكري للاحتفاظ بالوضع الراهن من داخله ومن القوى التي لديها مصالح في استمرار المجلس العسكري)، هكذا ابتدر المحلل السياسي د.الحاج حمد حديثه لـ(السوداني)، مشيرا إلى حالة الإحباط التي تسود قوى إعلان التغيير والحرية بسبب سياسة المجلس العسكري الأمر الذي جاء بالتصعيد في الإضرابات والاعتصامات والمواكب بحكم أنها أدواته المجربة والناجعة التي كانت سببا للاعتراف بهم مسبقا، واضاف: ليس بالضرورة أن تكون هناك أغلبية للوجود العسكري في مجلس السيادة لجهة أن لدى المجلس أغلبية في قواته المسلحة وقوة المجلس العسكري الأساسية تكمن في الحفاظ على وحدة قواته ودون ذلك ما هو إلا مغامرة من المجلس لوجود قاعدة ضخمة جدا من مناصري قوى التغيير ولاقتلاع جذور النظام كما جاء في البيان الأول للمجلس العسكري.

وعزا د.الحاج تحول موقف المجلس العسكري إلى احتمال أنه مايزال تحت سيطرة الدولة العميقة أو جهات خارجية أخرى، وأضاف: الحل ليس في (البل) كما هو مسلم به لقوى الحرية والتغيير بل في المرونة التي يجب أن يتحلى بها المجلس أيضا، مشددا على وجوب التحرك السريع لتشكيل وإعلان مجلس مدني بتمثيل أقلية عسكرية والسيادة للشعب والقوات المسلحة لديها فقط الحماية ولا يمكن أن تكون الحامية والحاكمة في ذات التوقيت.

عامل جديد 

الصحفي ماهر أبوالجوخ يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى تعدد سيناريوهات التصعيد بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، مشيرا إلى أنه رغم التراشق المتبادل بين الطرفين خلال اليومين الماضيين إلا أنه ليس أمامهم سبيل الجلوس واستكمال التفاوض والمباحاثات المشتركة، وأضاف: من الواضح أن الذي جرى خلال اليومين الماضيين مناورات واستخدام كروت ضغط متبادلة بغية تحسين الموقف التفاوضي لقوى الحرية والتغيير، وبدوره رد المجلس العسكري على تلك المناورات بمناورات مضادة لوح فيها بإمكانية أن يشرك آخرين ويسحب اعترافه بقوى الحرية والتغيير باعتبارها القوى المفجرة والفاعلة في ثورة ديسمبر.

وأكد أبوالجوخ على أن السيناريوهات المستقبلية تشير إلى أن مصلحة الطرفين تقتضي منهما التفاوض بغية إنهاء حالة الاستقطاب والانسداد السياسي لأن استمرارها في غير مصلحة كل منهما، مشيرا إلى أنه سوف يظهر عامل جديد في الساحة ومؤثر المشهد وهو دخول الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة مالك عقار على خط المفاوضات عبر وفد مقدمتها الذي يترأسه نائب رئيس الحركة ياسر عرمان وأمينها العام عبد الله جلاب، منوها بدوره إلى صلات عرمان الوطيدة بحركات مسلحة مشاركة ومتحالفة معه ضمن الجبهة الثورية ونداء السودان، بجانب تمتع عرمان بقدرات تفاوضية كبيرة ومتراكمة خلال السنوات الماضية.

ويرى أبو الجوخ أن استصحاب تلك المعطيات الداخلية مع الضغوط الإقليمية والدولية سيحث ذلك الأطراف السودانية على الوصول لاتفاق لتجاوز حالة الاحتقان الحالي وبالتالي إن السيناريو العام للمشهد يشير ويرجح فرضية حدوث انفراج واختراق في المواقف ستفضي لفتح الطريق لتوصل لاتفاق يحظى برضا وقبول الأطراف المتفاوضة.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.