ببساطة د. عادل عبد العزيز الفكي

الأوضاع الإقليمية تدعونا للتماسُك

شارك الخبر

التّوتُّر الهائل في منطقة الخليج العربي ما بين الولايات المتحدة وإيران، ودخول حاملة طائرات أمريكية فيه، مع تجهيز القاذفات الاستراتيجية الأمريكية بي 52 بقاعدة العديد القطرية، مُهاجمة سفن شحن بالموانئ الإماراتية، ضرب أهداف اقتصادية داخل المملكة العربية السعودية بطائرات مسيرة من اليمن، تطوُّرات تشي بأحداثٍ جسامٍ سوف تقع في المنطقة في مُقبل الأيام.
مَعلومٌ أنّه عبر مضيق هرمز، وهو نقطة التقاء الخليج العربي مع المحيط الهندي، تمر غالب الصادرات النفطية وصادرات الغاز الطبيعي لدول شرق آسيا، وعلى رأسها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، وعلى هذا فإنّ تردي الأمن في هذه المنطقة يؤدي فوراً لارتفاع أسعار التأمين البحري، وبالتالي التأثير على أسعار النفط الخام، وما يستتبعه من أثرٍ على الاقتصاد العالمي، خُصُوصاً الدول ذات الاقتصادات الكبرى في المنطقة الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
من ناحية ثانية، فإن السعودية، وهي أكبر مصدر لخام النفط في العالم، كانت تقوم باستخدام موانئ صادر بالخليج العربي بصورة أساسية، مع موانئ مساندة بمنطقة ينبع بالمنطقة الغربية على البحر الأحمر. وقد استهدفت مليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، خط الأنابيب المُتّجه من الحقول النفطية داخل السعودية لميناء ينبع، في رسالةٍ واضحةٍ للسعودية بإمكانية خنق صادراتها النفطية من الاتجاهين، الخليج العربي والبحر الأحمر.
هذه التّطوُّرات يُمكن أن تفيد السودان واقتصاده من ثلاثة مناحٍ: الناحية الأولى استعادة الشركات الكبرى خُصُوصاً الصينية لاستثماراتها ونشاطها في السودان. لقد توقّفت الشركات الصينية عن الاستثمار في الحقول السودانية بسبب ارتفاع التكاليف، وبالتالي عدم الجدوى الاقتصادية للاستثمار، إضافةً لفشل الحكومة السودانية في سداد بعض المديونيات لهذه الشركات. الآن وبالارتفاع المُتوقّع لأسعار النفط الخام، ووجود الحقول السودانية في منطقة آمنة، يُمكن أن تَتَحَمّس الشركات الصينية للعودة الى الاستثمار في النفط السوداني.
الناحية الثانية، التي يُمكن أن تفيد السودان هي بروز أهمية واستراتيجية الموانئ السودانية على البحر الأحمر، ويعطي هذا للموانئ قيمة اقتصادية كبيرة، وبالتالي يُمكن للسودان أن يطرح تطوير هذه الموانئ والطرق والسكك الحديدية المؤدية إليها، والمخازن والمُستودعات بها، في عطاءات عالية للمُستثمرين، وسوف تَجد رَواجاً كبيراً، خُصُوصاً أنّ الموانئ السُّودانية يُمكن أن تخدم دُولاً مُغلقة مُجاورة للسودان، هي إثيوبيا وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى وتشاد.
الناحية الثالثة، هي اكتساب مُشاركة القوات المسلحة السودانية في قوات إعادة الشرعية في اليمن أهمية استراتيجية إضافية، وبالتالي يمكن للسودان أن يُحَقِّق فوائد على الصعيديْن الاستراتيجي والاقتصادي من هذه المُشاركة.
بناءً على ما تقدّم، يُنصح بأن يتوصّل السودانيون لاتفاق عاجل على مُؤسّسات الفترة الانتقالية، اتّفاقاً يتم فيه تجاوُز كل العقبات والشكليات والمُماحكات السِّياسيَّة، اتّفاقاً يُتيح الاستفادة من الفُرصة المُواتية في المنطقة لتحقيق أقصى فائدةٍ للاقتصاد السوداني، وللمُواطنين السُّودانيين الذين يُعانون الآن مُعاناةً هائلةً في مَعاشهم وضرورياتهم الحياتية.
والله الموفق،،،

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.