همسة تربوية د. عبد الله إبراهيم علي أحمد

السُّلوكيات الإيجابية لضبط الصف الدراسي

شارك الخبر

إذا تَناولنا مَفهوم ضبط الصف الدراسي نَجده يَعني قُدرة المُعلِّم على ضَبط سُلُوك الطُّلاب، مِمّا يَعُـود على الجميع بالنّفع والعَمل على تَهيئة البيئة الصفية، ولطالما نحن نُركِّز على سياسة السُّلوك المَدرسي وضبط الصف الدراسي، نجد شخصية المُعلِّم أحد العَـوامل المُؤثِّـرة، فهناك المُعلِّم المُتسلِّط والمُعلِّم الديمقراطي والمُعلِّم السلبي، فأيُّهما نُريد؟
بالتأكيد نُريد مُعلِّماً، مُتعاوناً، صَبُوراً، مُتمَكِّناً من مادته الدراسية، مَرناً وقَوياً في شخصيته في نفس الوَقت، يَحبُّه الطُّلاب ويُحبَّهم، حينها يَكون مُؤثِّـراً في ضبط الصّف الدراسي بقوة شخصيته وقُدرته على إدارة الصّف، ويَعرف كَيف يُدير وقته أثناء الحصة الدراسية، كما أنّ للبيئة التعليمية المُناسبة، والإعداد والتحضير الجيد للمادة العلمية أثراً في ذلك، وأنا أتذكّر عندما كُنّا صغاراً بالمرحلة الابتدائية، يدخل علينا المُعلِّم، فكان لا يبدأ الحصة الدراسية إلا بعد التّأكُّد من انضباط الطلاب ونظافة الصف الدراسي وتنظيم الطاولات والجلوس المُعتدل، فكان يُنادي يا ولد أرفع الورقة من الأرض وضعها في سلة المُهملات، ويا فلان اجلس بصورةٍ صحيحةٍ، وأنت هناك لا تتكلّم، عليكم بالانتباه والآن سََوف نبدأ دَرسنا لهذا اليَوم، فَكَان لا يبدأ أبداً الحصة إلا بَعد التّأكُّد من النظام والهُدوء والانضباط الطلابي، فكان كَثيراً ما يهتم بالبيئة الصفية وتهيئة الطلاب للدرس الجديد.
وعكس ما تمّ ذكره أعلاه يَكون من مَشاكل عدم الانضباط، عَدم قُدرة المُعلِّم على ضَبط صَفِّه وعدم استيعاب الطَالب للمَادة العِلميّة، حينها يُصيب الطالب الملل فيلجأ إلى الشغب والحديث الجانبي، لأنّ في الأساس لم يكن تحضير الدرس جيِّداً يملأ زمن الحصة الدراسية، فينتج سُوء إدارة الوقت poor time management خلال الحصة الدراسية، كما أنّ لعدم وضوح قوانين الصف التي على الطَالب الالتزام بها، دوراً في إحداث المشاكل التي تُؤدِّي إلى عدم انضباط الطلاب، وحتى نُحقِّق انضباطاً مُتميِّزاً بالصف الدراسي الواحد، علينا بتفعيل قوانين الصف والتّواصُل مع المَسؤولين متى ظَهرت حالة من حالات الشغب، وهنا تشجيع الطلاب وتحفيزهم ومُراعاة الفروق الفَردية يفعلان مفعول السحر بين الطلاب، حيث ينجذب الطلاب إلى مُعلِّمهم وبذلك تعم الفائدة التي نرجوها لأبنائنا.
وفوق كل هذا وذاك علينا بتهيئة بيئة صفية مُناسبة والتّوجيه المُستمر للسُّلوك الجيد وتنوُّع الأنشطة الصفية باستخدام طُرق تدريس مُتنوِّعة تبعد المَلل عن الطلاب، واستخدام الطريقة الصّحيحة للتّعامُل مع السلوك الخاطئ وتعزيز السلوك الإيجابي، وأخيراً التّواصُل مع أولياء أُمور الطلاب ومَدِّهم بتقارير عن أبنائهم ما إذا كانوا مُلتزمين أم غير ذلك، كما أنّ هناك استراتيجيات لحفظ النظام يُمكن أن تكون مُتضمِّنة في سياسة السُّلوك الطلابي بالمدرسة، منها وضع قوانين صَارمة يجب تحقيقها من قِبل إدارة المدرسة بالتّواصُل الفَعّال مع أولياء الأُمور وتحفيز الطُّلاب المُنضبطين سُلوكياً، وتنظيم أنشطة للطلاب الأكثر حَركةً (Hyperactive) والتقويم المُستمر لسُلُوك الطلاب (ongoing assessment)، والأسلوب الجَيِّد وحُسن التّعامُل من قِبل المُعلِّم.
إذن، هُناك علاقةٌ بين السُّلوك الطلابي ونسبة التّحصيل العِلمي، لذلك نَعمل على ضبط صُفُوفنا الدِّراسية لتتحسّن سُلوكيات الطُّلاب، وتَرتفع مخرجاتهم التّعليميّة، ولنرتقي بمُستويات الأداء والإبداع والإجادة في مجال التّربية والتّعليم حتى نُحَقِّق أهدافنا التّعليميّة، ولنُحسن التّصرُّف كمُعلِّمين في مُعالجة المُشكلات الطارئة أثناء الحصة الدراسيّة، وليكون مظهرنا الخارجي لائقاً مع الاتّزان في التّصرُّفات، وهنا أتذكّر مقولة: (إذا لم تشغل الطلاب فإنّهم سيشغلونك)، فمتى تم إشغالهم بتنوُّع الأنشطة وتوزيع المَهَام الوظيفية بينهم، يَعُم الهُدوء ويَعمل ذلك على تكريس انتباه الطلاب للدرس طيلة زمن الحصة الدراسية.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.