أسعار فلكية.. ومبررات غير منطقية… (ملابس الأطفال) و(خروف العيد).. هجمة مرتدة على جيوب المواطنين!

تقرير: تفاؤل العامري

في هذا التّوقيت من كُلِّ عامٍ ومع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تشهد محطة السبيل بمنطقة الفتيحاب بأم درمان تَجمُّعاً كبيراً لأصحاب المواشي الذين يأتون راجلين من ولاياتٍ مُختلفة بغية عرض مواشيهم وبيعها، ومن بين أولئك العم إبراهيم عبد الغني القادم من غرب السودان، وبعد أن بادلته التحية وقفت الى جواره وهو (يفاصل) في سعر (كبش) ولم يدم فصاله طويلاً، إذ تمّت (البيعة) برضاء الطرفين، ثُمّ عاود الحديث معي، حيث كان في ظنه أنّني أريد أن أسأل عن الأسعار، لكن أخبرته عن غرضي في عجالةٍ، مُستفسرةً عن أسعار الخراف وما مدى إقبال الناس عليها، عم إبراهيم طبع قبلة على ظهر كفه علامة على رضائه التام قائلاً: (العيد دا ياهو موسم بيعنا عَشَان كدا بنحاول نتماشى مع الناس في الأسعار على قَدر ما نَقدر، المُهم ما نخسر وغيرنا يفرح)، مؤكداً أن الأسعار تبدأ من 5000 وتصل حتى 15000 جنيه.
(1)
بالمُقابل، اكتوى المُواطن بنيران أسعار الخراف والملبوسات وأصبح في حيرةٍ من أمره كالمستجير من الرمضاء بالنار، وداخل سوق أم درمان دلفنا داخل محل ملبوسات وكان شبه خالٍ من الناس، تحدثنا إلى صاحب المحل، مُتسائلين عَن مَدَى إقبال النّاس والعيد يطرق الأبواب؟ فأجاب بسُرعة قائلاً: (في عيد الأضحى دائماً ما تقل الحركة الشرائية لأنّ أغلب الناس تُفضِّل شراء الخروف، فالاثنان مَعاً يُشَكِّلان عِبئاً ثقيلاً على المُواطن، خَاصّةً وأنّ أسعار الخراف ظَلّت في ارتفاعٍ، لذا لا نتفاجأ من ضعف الإقبال ودائماً ما يكون عيد الأضحى خارج حساباتنا كمُوسمٍ).
(2)
قبل أن أُبارح ذات المحل، جاء رجلٌ بصحبة أسرته الصغيرة التي تتكوّن من بنتين وولد برفقة والدتهم، فبدأت أتجاذب معهم أطراف الحديث حول الاختيار ما بين شراء خراف الأضحية وملبوسات الأطفال وكلاهما يمثلان فرحة للأطفال، وبعد صَمتٍ، أجاب رب الأسرة قائلاً: (والله الاتنين فرحة أطفال، بس الظرف الاقتصادي لأغلب الأُسر السودانية لا يسمح بذلك خَاصّةً مع الارتفاع الذي تَشهده المَلبوسات وكذلك الخراف)، مُواصلاً: قُمت بشراء الأضحية وأتيت لتكملة فرحة العيد لأبنائي نسبةً لزواج خالتهم وهذا المحل الخامس الذي أأتي إليه وتُذهلني الأسعار، بَس رَبّك يَسَهِّل، إذ وَصَلَت أسعار المَلبُوسات للأطفال إلى (2) مليون جنيه فَمَا فَوقَ وهو الشئ الذي لا طَاقة للمُواطن ذوي الدخل المحدود قدرة به.
(3)
جولتنا داخل سوق أم درمان لم تمنحنا إطلاقاً إحساس العيد، لأنّ أغلب المحلات كادت أن تكون شبه خالية من البائعين الذين انصرفوا لسُوق المواشي، وهذا ما أشار إليه حمدي عبد القادر بائع أحذية أطفال، والذي بدا حانقاً على الوضع قائلاً: (نَظل نترقّب في الزبائن طوال الـ24 ساعة ولكن لا حياة لمن تُنادي، رغم أنّنا لا نسعى للربح الكثير ونعمل على استعادة رأس المال فقط في أحيان كثيرة، لكن ارتفاع الأسعار أدى إلى عُزُوف المُواطنين عن الشراء، لافتاً إلى أنّ سعر الدولار يتحكم في الأسواق بشكلٍ كَبيرٍ).

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.