الرشيد بدوي عبيد.. أسطورة التعليق الرياضي في السودان

كتب: مُحمد أحمد

نعم.. هو ذات الصوت الشجي المُمتلئ بالوطنية والحماس وأحياناً صوت المُدربين من على كابينة التعليق في الإذاعة والقنوات السودانية المُختلفة.
الرشيد بدوي عبيد، الأستاذ والمُعلق الهرم الذي عاصر كل الأجيال السابقة وأطربها بصوته وأضحكها أحياناً ببعض الجُمل الفُكاهية الجميلة.
الأستاذ الرشيد كان له نيل شرف أول مُعلق سوداني يُعلِّق على بطولة كأس العالم في العام ١٩٩٤ بالولايات المُتحدة الأمريكية، كما أنه التحق بعدة صُحف سودانية رياضية فقد كانت شخصية رياضية مُتكاملة ومِعطاءة.
كل ذلك، والنظرة التدريبية الثاقبة التي كان يملكها في كوم آخر، تجد ذلك عندما كان يُحذر مراراً وتكراراً من لاعب الخصم في إحدى مُباريات أنديتنا السودانية الأفريقية بقوله: “نخلي بالنا يا شباب من اللاعب بالرقم 9.. بالمُقابل تجدنا نضحك ولا نأبه لما يقول وما هي إلّا دقائق معدودة ثم يعود ويقول.. وقوون حصل الكان خايفين منو حذرت من هذا اللاعب”.
قام بالتعليق على مُباريات القِمة وشارك فيها أكثر من لاعبين ومُديرين فنيين مروا على تاريخ الناديين الكبيرين، ولا ننسى افتتاحيته الشهيرة المعروفة للديربي:
“على العموم المريخ بالأحمر الكامل والجوارب الصفراء، والهلال بالأزرق الكامل والجوارب البيضاء”.
ومن درجة إعجاب الجماهير بتعليقه وتعلُّقها به وبجمالية أسلوبه البسيط في مزج الجدية بالفُكاهة، أصبح جُل الجماهير التي تُتابع المُباريات من داخل الإستاد تصطحب معها صوت الرشيد عبر المذياع والراديو، للاستمتاع أكثر بالمُباراة.
لا ننسى تعليقه على مُباريات المُنتخب الأفريقية وإلحاحه وطلبه من الله عز وجل بالدعاء بالأهداف لنا وعدم ولوجها شباكنا بالسِتر:
“نقول يا رب هدف.. ربك ستر ولطف هجمة خطيرة كانت في الشِّباك أوقفت قلوبنا حقيقة”.
من مقولاته الشهيرة التي عُرف بها، واتفق فيها حُب الجميع له: “تسديدة أرض جو، كرة أرضية عالية” والتي لم يفهم مقصدها حينها إلا من كان يُراقب تسديدات كرنقو والغزال الأسمر .
“وإنى أرى ملامح هدف”. وللغرابة دائماً ما يصدق حدسه خاصة في الضربات الرُكنية، وكذلك (الباك صديق اللاين) في إشارة للعلاقة الوطيدة بين الطرفين وارتبطاهما الوثيق.
“عجب وليس في الأمر عجب”، في إشارة للنجم الكبير فيصل العجب، وبأن الشئ من معدنه لا يُستغرب.. فهذا اسمه العجب وطبيعته العجب.
أكثر ما كان يُميز الأستاذ الرشيد، قُدرته على الوصول لكل حواسك وهو من خلف المايكرفون، فتشعُر أنك تُشاهد المباراة بأعيُنك من خلف الشاشة وليس الراديو.. وقدرته على رفع مستوى الادرينالين.
أيضاً من العبارات والتي قد تكون أشهرها عبارة: “هو والقوون”.. أحياناً تكون هو والقوون وهي حقيقة هدف، وأحياناً هو والقوووو.. تجعلك تقفز من مكانك ثم يعود ويقول يا راجل! دي في المدرجات.
“أصحى يا بريش”.. “المُدرجات تغلى كالمرجل” في إشارة للصخب الجماهيري ودوِّي المُشجعين.
“المجنونة قالت لا” في يوم أدارت فيه المُستديرة ظهرها لنا ولأنديتنا ومُنتخباتنا.
“تسديدة قوية من لاسانا فاني، حلوة نحاول مرة واثنتين وثلاث يا شباب”.
“ركنية من الناحية الجنوبية الغربية”؛ ويحدث أنك تكون في ولاية أخرى، وتبدأ في تحريك الجُغرافي الجواك وتشوف مين اللي حيلعبها.. زول أشول واللا أيمن؟
“مساوي قطع الموية والنور من الخصم”.. “بدر الدين قلق.. عامل قلق”.
“إرسال أمامي طويل وقلشت منو”.
كان هذا جزءاً مما كان يُقدمه الأستاذ الإعلامي المُعلق، الرشيد بدوي عبيد، شيخ المُعلقين.
ولو أنني سأكتب كل ما كان يقوله ويفعله لما انتهيت.. فقد كان جزءاً لا يتجزأ من القِمة ومن الدوري الممتاز والكُرة الأفريقية؛ وما ذُكرت الرياضية وكرة القدم في السودان إلّا وذُكر الرشيد بدوي عبيد أحد رموز الكرة السودانية.
في الختام وكما كان يقول الأستاذ:
“حسب زمني أنا، مفروض الحكم يصفِّر”.. مفروض زمني في المقال ده ينتهي وفي أمان الله، وكان حيين بنتلاقى.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.