أسامة بيكلو.. أمانة الصبر ما طيب! 

كتب: إبراهيم احمد الحسن 

(1)

أسامة يا ريتني لو أقدر اقول فيك الكلام الما انكتب!!

أسامة هل اشيح بحزني عن غرار العبوس وايمم قلبي وقلمي شطر زاد الشجون؟.. لن افعل!! وان فعلت فإن في كل أغنيات الموسيقار الراحل أبو اللمين ثمة أسامة بيكلو.

 

أسامة ما كنت أحسب أن تبذل المآقي دموعاً، بعد أن سالت دموع الناس جداول على عاديات الزمان فرقة وشتات وبُعاد، بعد رحيل كثير من الأحباب في طوابير طويلة من الموت لا تنتهي. حتى وقفنا عند رحيلك الجلل.

 

(2)

لا يفتأ ومالك في المدينة شهادة حق نطق بها الراحل المقيم الموسيقار محمد الأمين في إطلالة (من الخرطوم سلام) وكان مالك وقتها هو الموسيقار أسامة بابكر التوم الشهير بأسامة بيكلو. صاحب الألبوم الموسيقي الأشهر (شئً في الخاطر) رزنامة الألحان وبديع الموسيقى والذي سكب فيه الراحل جمال روحه وخلاصة فنه الرفيع.

 

(3)

التقيته في مرات عديدة وكان في كل مرة يقبل ملء هندامه الأنيق يطل بسَمْته الرزين وبَسْمَته الوادعة ورسمه الوسيم وروحه المرحة وأدبه الجم وثقافته الموسوعية في الموسيقى وغيرها. كنت أرى فيه كل مرة شموخ الإنسان الذي يجيد مهنته ويحبها ويخلص إليها ويتفانى فيها ويملك زمام تفاصيلها معرفة راسخة وأداءً رفيعاً، يحترم زملاءه ويتحدث عنهم بحب وإجلال وتقدير كبيرين. يرفع تحية الأستاذية لمن سبقوه ويوقر في حب تلاميذه وهو يقودهم في درب النجاح.

 

(4)

كان أسامة بابكر قائداً عظيماً في مجال مهنته، وكان قبل ذلك وفوقه إنساناً عظيماً وقد قالها روبن شارما في كتابه الموسوعة (قائد بلا عنوان).. “إذا أردت أن تكون قائداً عظيماً يجب أن تكون في المقام الأول إنساناً عظيماً” وقد كان بيكلو إنساناً عظيماً وهل يكون الموسيقى إلا إنساناً عظيماً؟.

 

(5)

عند وفاة الموسيقار الكبير محمد الأمين رفيق درب النجاحات والألحان المموسقة أول إنسان خطر على بالي وأن تقديم العزاء إليه كان واجباً حتمياً هو أسامة بيكلو. اتصلت عليه وجدته حزيناً ينتحب ونعى الأستاذ الراحل بعبرات ودموع فاضت حتى كأني بها تخرج من مسام الهاتف لتغمر الأرجاء كلها. صحيح السودان كله حزن لوفاة ود اللمين ولكن حزن بيكلو وقتها كان فريدا وصعبا. وتذكرت حينها ما قاله في حق الأستاذ وهو يعلق على حوار الموسيقي الأسطوري بين الفلوت والبيكلو وحنجرة أبو اللمين تخرج الآهات مدرارا في أغنية (همس الشوق)، إن (الأستاذ صعب يحب الصعب).

وأذكر أنني عند سرادق عزاء ود اللمين كتبت (الصديق أسامة بابكر التوم الشهير بأسامة بيكلو صاحب آلة البيكلو والتي كان يشعل بها حماس الجمهور في كل حفلات محمد الأمين، اتصلت عليه معزياً وأعلم جيداً ما بينه والراحل المقيم وجدته راسخاً وصابراً، إلا أنه قال لي “الجرح غائر، والحزن شديد ولا نملك إلا أن نحمد الله على ما أراد”؛ قال أسامة ذلك ولسان حاله يقول “لو تعرفني كم بتعب .. بتعب .. بعيد عنك وبتألم” يقولها شعرا وهو الذي كان يحاور بها ود اللمين لحنا ووترا. وقولوا عني لأسامة “أمانة الصبر ما طيب”)!! فمن يقول لنا الآن (أمانة الصبر ما طيب)؟ وقد رحل أسامة.

 

(6)

من مهام آلة الفلوت ملء الفراغات في الجمل الموسيقية الطويلة في (همسة الشوق) قلتها – يا أسامة – وانت جالس جوار الموسيقار الراحل المقيم محمد الأمين مع الطيب عبد الماجد وهبة المهندس في (من الخرطوم سلام)، رحل ود اللمين تيتمت همسة الشوق وانطوى معه الكلام ال ما انكتب.. وها انت ترحل زي نغمة في مقطع فمن بعد الآن يملأ فراغات الجمل الموسيقية الطويلة بآلة الفلوت والبيكلو؟

 

(7)

رحمة الله ورضوانه تغشاه العزيز أسامة ومغفرة في جنات الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

شارك الخبر
Leave A Reply

Your email address will not be published.